وأما الثالثة فلقوله تعالى " ومن يبتغ غير الإسلام دينا " (1) الآية، وقد تقدم بيان ذلك.
ويرد عليه جميع ما يرد على الوجه الأول، ويزيد عليه أن النتيجة كون العبادات هي الإيمان، والمدعى كون الإسلام هو الإيمان أو عكسه، فلا ينطبق على المدعى.
ولو سلم استلزامه للمدعى لاقتضاء المقدمة الثالثة ذلك. قلنا: فبقية المقدمات مستدركة، إذ يكفي أن يقال: الإسلام هو الإيمان، لقوله تعالى " ومن يبتغ غير الإسلام " الآية.
أقول: قد عرفت أن هذا الاستدلال بوجيهه (2) إنما يستقيم على مذهب من يجعل الطاعات الإيمان أو جزءا منه، فإن كان المستدل به (3) هؤلاء، فذلك قد علم مع ما يرد عليه. وإن كان غيرهم فهو (4) ساقط الدلالة أصلا ورأسا.
ثم نقول: على تقدير تسليم دلالة هذه الآيات على اتحادهما: إن الحكم بعموم الإسلام في الحكم على مذهب من يجعل الطاعات الإيمان ظاهرا أن الآيات دلت على اتحادهما في الحقيقة عند الله تعالى، فعلى هذا من لم يأت بالطاعات أو بعضها، فلا دين له فلا إسلام، فلا إيمان له عند الله تعالى لا في الظاهر إذا لم يعرف منه ذلك وأما من اكتفى بالتصديق في تحقق حقيقة الإيمان وجعل الاتيان بالطاعات