وروى الحميدي في الجمع بين الصحيحين، في مسند حذيفة بن اليمان، عن زيد بن زيد، قال: كنا عند حذيفة فقال رجل: لو أدركت رسول الله صلى الله عليه وآله قاتلت معه فأبليت؟ فقال حذيفة أنت كنت تفعل ذلك؟ لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله ليلة الأحزاب، وأخذتنا ريح شديدة وقر، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ألا رجل يأتيني بخبر القوم، جعله الله معي يوم القيامة، فسكتنا فلم يجبه منا أحد، ثم قال: ألا رجل يأتيني بخبر القوم، جعله الله معي يوم القيامة؟ فسكتنا، فلم يجب منا أحد، ثم قال: ألا رجل يأتيني بخبر القوم، جعله الله معي يوم القيامة؟ فسكتنا فلم يجبه منا أحد، فقال:
قم يا حذيفة، فأتنا بخبر القوم، فلم أجد بدا إذ دعاني باسمي أن أقوم.
قال: اذهب فأتني بخبر القوم ولا تذعرهم، فلما وليت من عنده جعلت كأنما أمشي في حمام حتى أتيتهم، فرأيت أبا سفيان يصلي ظهره بالنار، فوضعت سهما في كبد القوس، فأردت أن أرميه، فذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تذعرهم، ولو رميته لأصبته، فرجعت، وأنا أمشي في مثل حمام، فلما أتيته فأخبرته بخبر القوم، وفرغت، قررت، فألبسني رسول الله صلى الله عليه وآله من فضل عباءة كانت عليه يصلي فيها، فلم أزل نائما حتى أصبحت، قال: قم يا نومان (1).
وهذا يدل على التهاون في أمره، والإعراض عن مطالبه، وقلة القبول منه، وترك المراقبة لله تعالى، وإيثارهم الحياة على لقاء الله تعالى، فكيف يستبعد منهم المخالفة بعد موته؟.
وروى الحميدي في الجمع بين الصحيحين، من أفراد البخاري، من مسند ابن عمر قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله خالد بن الوليد إلى بني جذيمة.
فدعاهم إلى الإسلام، فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، فجعلوا يقولون:
صبأنا صبأنا، فجعل خالد يقتل، ويأسر، ودفع إلى كل رجل منا أسيره،