وهذا يدل بصريحه على تألم أمير المؤمنين، وتظلمه من هؤلاء الصحابة، وأن المستحق للخلافة هو، وأنهم منعوه عنها، ومن الممتنع ادعاؤه الكذب، وقد شهد الله له بالطهارة وإذهاب الرجس عنه، وجعله وليا لنا في قوله تعالى: " إنما وليكم الله ورسوله، والذين آمنوا " (1)، الآية. وأمر النبي صلى الله عليه وآله بالاستعانة به في الدعاء " المباهلة "، فوجب أن يكون محقا في أقواله.
وروي أنه اتصل به: أن الناس قالوا: ما باله لم ينازع أبا بكر، وعمر، وعثمان، كما نازع طلحة والزبير، فخرج مرتديا، ثم نادى بالصلاة جامعة، فلما اجتمع أصحابه قام خطيبا، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال:
يا معشر الناس، بلغني: أن قوما قالوا: ما باله لم ينازع أبا بكر، وعمر، وعثمان، كما نازع طلحة، والزبير، وعائشة، وإن لي في سبعة من الأنبياء أسوة.
فأولهم: نوح، قال الله تعالى: " إني مغلوب فانتصر " (2).
فإن قلتم: ما كان مغلوبا، كذبتم القرآن، وإن كان ذلك كذلك فعلي أعذر.
والثاني: إبراهيم خليل الرحمن، حيث يقول: " وأعتزلكم وما تدعون من دون الله " (3).