ولم يتمكن من الانتصاف من رجل واحد، حيث كان لهم غرض فاسد في منعه، وخالفوه، واختلفوا عليه، واقتصر على الامساك؟ فكيف يكون حال أهله بعده مع هؤلاء القوم؟.
وروى الحميدي في مسند أبي هريرة في صحيح مسلم: أن النبي صلى الله عليه وآله لما فتح مكة، وقتل جماعة من أهلها، فجاء أبو سفيان بن الحارث بن هاشم، فقال يا رسول الله أبيدت خضراء قريش، فلا قريش بعد اليوم، فقال:
من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن، فقالت الأنصار بعضهم لبعض: أما الرجل فأدركته رغبة في تربته، ورأفة بعشيرته، وفي رواية أخرى: فقد أخذته رأفة بعشيرته، ورغبة في قريته (1).
فلينظر العاقل: هل يجوز أو يحسن من الأنصار مثل هذا القول في حق النبي صلى الله عليه وآله؟.
وروى الحميدي في الجمع بين الصحيحين، في مسند عائشة، من المتفق عليه: أن النبي صلى الله عليه وآله قال لها: يا عائشة لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية وفي رواية حديثو عهد بكفر، وفي رواية حديثو عهد بشرك، وأخاف أن تنكر قلوبهم لأمرت بالبيت فهدم، فأدخلت فيه ما أخرج منه، ولزقته بالأرض، وجعلت له بابا شرقيا، وبابا غربيا، فبلغت به أساس إبراهيم (2).
فانظر أيها المنصف: كيف يروون في صحاح أحاديثهم: أن النبي صلى الله عليه وآله كان يتقي قوم عائشة، وهم من أعيان المهاجرين والصحابة، من أن يواطئهم في هدم الكعبة، وإصلاح بنائها؟ فكيف لا يحصل الاختلال بعده في أهل بيته الذين قتلوا آباءهم وأقاربهم؟.