قال ابن شهاب: فحدث رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك، فعرفهم في حديث أنه فعل ذلك تأليفا لمن أعطاه.
ثم يقول في رواية الزهري، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وآله قال للأنصار:
إنكم ستجدون بعدي أثرة شديدة، فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله على الحوض، قال أنس: فلم نصبر (1).
قضية الإفك وروى مسلم في الصحيح، في حديث عائشة عن قضية الإفك، قالت:
قام رسول الله صلى الله عليه وآله على المنبر، فاستعذر من عبد الله بن أبي بن سلول، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله على المنبر: يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغ أذاه في أهل بيتي، فوالله، ما علمت على أهلي إلا خيرا، ولقد ذكر رجلا ما علمت عليه إلا خيرا، وما كان يدخل على أهلي إلا معي، فقام سعد بن معاذ فقال: أنا أعذرك منه يا رسول الله، إن كان من الأوس ضربنا عنقه، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا فقبلنا أمرك، قالت: فقام سعد بن عبادة، وهو سيد الخزرج، وكان رجلا صالحا، ولكن احتملته الحمية، فقال: لسعد بن معاذ: كذبت لعمر الله لا تقتله، ولا تقدر على قتله، فقام أسيد بن حضير، وهو ابن عم سعد بن معاذ فقال:
كذبت لعمر الله لنقتلنه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين، فثار الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا، ورسول الله صلى الله عليه وآله قائم على المنبر، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وآله يعظهم حتى سكتوا وسكت (2).
فلينظر العاقل المقلد في هذه الأحاديث المتفق على صحتها عندهم، كيف بلغوا الغاية في تقبيح ذكر الأنصار وفضائحهم، ورداءة صحبتهم لنبيهم في حياته، وقلة احترامهم له، وترك الموافقة؟ وكيف أحوجه الأمر إلى قطع الخطبة، ومنعوه من التألم من المنافق عبد الله بن أبي بن سلول،