فقالوا: إنه صلى يوما، وقرأ في سورة (النجم) عند قوله تعالى:
" أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى " (1): " تلك الغرانيق العلى منها الشفاعة ترتجى " (2). وهذا اعتراف منه " ص " بأن تلك الأصنام
(١) آية: ١٩ و ٢٠ (٢) رواه في (مجمع الزوائد ج ٧ ص ١١٥ ط مصر)، ورواه السيوطي في تفسيره (الدر المنثور) ج ٤ ص ٣٦٨ بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد بن حميد، من طريق السدي، عن صالح.
وأخرجه البزار، والطبراني، وابن مردويه، والضياء في المختارة، بسند رجاله ثقات من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس.
وأخرجه ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، بسند صحيح، عن سعيد بن جبير.
وأخرجه ابن جرير، وابن مردويه، من طريق العوفي، عن ابن عباس.
وأخرجه ابن مردويه، من طريق الكلبي، عن ابن صالح. ومن طريق أبي بكر الهذلي، وأيوب، عن عكرمة. ومن طريق سليمان التيمي، عمن حدثه، كلهم عن ابن عباس.
وأخرجه عبد بن حميد، وابن جرير، من طريق يونس، عن ابن شهاب عن أبي بكر ابن عبد الرحمان بن الحارث: أن رسول الله إلخ... مرسل صحيح الإسناد.
وأخرجه ابن أبي حاتم، من طريق موسى بن عقبة، عن ابن شهاب.
وأخرجه البيهقي في الدلائل، عن موسى بن عقبة، ولم يذكر ابن شهاب.
وأخرجه الطبراني، عن عروة مثله.
وأخرجه سعيد بن منصور، وابن جرير، عن محمد بن كعب القرظي، ومحمد بن قيس.
وأخرجه ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم بسند صحيح، عن أبي العالية.
وأخرجه ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن أبي العالية، بتفاوت يسير مع الذي قبله.
وأخرجه ابن أبي حاتم، عن قتادة، وعن السدي.
وأخرجه عبد بن حميد، عن مجاهد، وعكرمة.
كانت تلك هي أسانيد هذا الحديث المجعول جمعها السيوطي في تفسيره وخلاصته: أن رسول الله " ص " لما قرأ: " أفرأيتم اللات والعزى، ومناة الثالثة الأخرى " ألقى الشيطان على لسانه، وفي بعضها فألقى في أمنيته (تلك الغرانيق العلى، منها الشفاعة ترتجى)، فقال المشركون:
ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم، فسجد، وسجدوا، ثم جاءه جبرئيل بعد ذلك فقال:
اعرض علي ما جئتك به، فلما بلغ: تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن ترتجى، قال جبرئيل:
لم آتك بهذا، هذا من الشيطان، فأنزل الله: " وما أرسلنا من قبلك من رسول، ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته، والله عليم حكيم " الحج: ٥٢ وزيد في بعضها ما خلاصته: قال المشركون يذكر آلهتنا بالشتم والشر، وإن ذكرها بالخير نذكر إلهه بالخير، وأقررناه وأصحابه، فتكلم الرسول بها، فانتشر قوله " ص " (تلك الغرانيق..)، وقالوا: إن محمدا قد رجع إلى دينه الأول ودين قومه.
أقول: صفوة القول في عصمة الأنبياء عند الأشاعرة، هو عدم وجوب عصمتهم قبل النبوة بالاتفاق عندهم. ويجوز عليهم ارتكاب الكفر وأنواع المعاصي، ويؤيد ذلك ما نسبوه إلى النبي " ص "، في فضل عمر بن الخطاب: (لو كان بعدي نبي، لكان عمر بن الخطاب) رواه في أسد الغابة ج ٤ ص ٦٤، ونور الأبصار ص 61، وتاريخ ابن عساكر ج 3 ص 287، وتاريخ الخلفاء ص 117، وقال: أخرجه الترمذي، والحاكم، وصححه عن عقبة بن عامر، وأخرجه الطبراني عن أبي سعيد الخدري، وعصمة بن مالك، وأخرجه ابن عساكر عن ابن عمر... مع أنه قد تواتر في كتب التاريخ والحديث: أن عمر أسلم في السنة السادسة بعد البعثة، أو بعد ذلك، وله على الأقل سبع وعشرون سنة.
وأما بعد النبوة، فأكثرهم على عدم وجوبها أيضا، كما صرح به الغزالي وغيره كما تقدم، واعتمد حفاظهم في تفسير قوله تعالى: " وما أرسلنا من قبلك من رسول "، على أمثال هذه الروايات المختلفة. فراجع الدر المنثور للسيوطي ج 4 ص 364 وقال الآخرون من أهل السنة بوجوب العصمة بعد النبوة من الكبائر والصغائر عمدا. وأما سهوا، فإن كان من الكبائر فبينهم خلاف، وإن كان من الصغائر، فقد قال القاضي ابن روزبهان: هو جائز اتفاقا، بين أكثر أصحابنا، وقال: وأما الصغائر عمدا فجوزها الجمهور...
وأما عند الإمامية: فيجب في النبي أن يكون طاهر الولادة، طيب النسل لم يشرك أحد من آبائه من آدم إلى الخاتم، كما تقدم عن علي " ع " في خطبته رقم (94) في نهج البلاغة:
" فاستودعهم في أفضل مستودع، وأقرهم في خير مستقر، تناسختهم كرائم الأصلاب، إلى مطهرات الأرحام " إنتهى، ويقولون: إن الأنبياء معصومون من وقت مولدهم، وصرح بذلك غيره من أئمة أهل البيت المعصومين " ع "، فراجع الكتب المعتبرة عند الإمامية ومن الأدلة التي أقامها الفخر على العصمة بعد النبوة الآية (124) من سورة البقرة:.
" لا ينال عهدي الظالمين " حيث قال: والمراد: إما عهد النبوة، أو عهد الإمامة، فإن كان المراد عهد الإمامة وجب أن لا تثبت الإمامة للظالمين، وإذا لم تثبت الإمامة للظالمين، وجب أن لا تثبت النبوة للظالمين، لأن كل نبي لا بد وأن يكون إماما يؤتم به، والآية على جميع التقديرات تدل على أن النبي لا يكون مذنبا..
أقول: لا يخفى على من أمعن النظر في الآية الكريمة: أنها تنفي نيل الظالمين العهد المذكور فيها بعنوان القضية الحقيقية، ولم يلحظ فيها زمان دون زمان، فالآية الكريمة صريحة في نفي العهد عمن ارتكب الظلم في آن من آنات عمره. قال السيد سابق: في " العقائد الإسلامية " ص 183: إن رسل الله يدركون بحسهم الذي تميزوا به على غيرهم من البشر: أنهم دائما في حضرة القدس، وأنهم يبصرون الله في كل شئ، فيرون مظاهر جماله وجلاله، ودلائل قدرته وعظمته، وآثار حكمته ورحمته (إلى أن قال) فتمتلئ قلوبهم إجلالا لله،