فسرنا وتركناهم فجعلوا بصيحون بنا أين يا كلاب النار أين أيتها العصابة المارقة أصبحوا نخرج إليكم فارتفعنا عنهم نحوا من ميل ونصف ثم نزلنا فصلينا الغداة ثم أخذنا الطريق على براز الروز ثم مضينا إلى جرجرايا وما يليها فأقبلوا في طلبنا (قال أبو مخنف) فحدثني مولى لنا يدعى غاضرة أو قيصر قال كنت مع الناس تاجرا وهم في طلب الحرورية وعلينا الجزل بن سعيد فجعل يتبعهم فلا يسير إلا على تعبية ولا ينزل إلا على خندق وكان شبيب يدعه ويضرب في أرض جوخى وغيرها يكسر الخراج وطال ذلك على الحجاج فكتب إليه كتابا فقرئ على الناس أما بعد فإني بعثتك في فرسان أهل المصر ووجوه الناس وأمرتك باتباع هذه المارقة الضالة المضلة حتى تلقاها فلا تقلع عنها حتى تقتلها وتفنيها فوجدت التعريس في القرى والتخييم في الخنادق أهون عليك من المضي لما أمرتك به من مناهضتهم ومناجزتهم والسلام فقرئ الكتاب علينا ونحن بقطراثا ودير أبى مريم فشق ذلك على الجزل وأمر الناس بالسير فخرجوا في طلب الخوارج جادين وأرجفنا بأميرنا وقلنا يعزل (قال أبو مخنف) فحدثني إسماعيل بن نعيم الهمداني ثم البرسمي ان الحجاج بعث سعيد بن المجالد على ذلك الجيش وعهد إليه إن لقيت المارقة فازحف إليهم ولا تناظرهم ولا تطاولهم وواقفهم واستعن بالله عليهم ولا تصنع صنيع الجزل واطلبهم طلب السبع وحد عنهم حيدان الضبع وأقبل الجزل في طلب شبيب حتى انتهوا إلى النهروان فأدركوه فلزم عسكره وخندق عليه وجاء إليه سعيد بن المجالد حتى دخل عسكر أهل الكوفة أميرا فقام فيهم خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيا أهل الكوفة إنكم قد عجزتم ووهنتم وأغضبتم عليكم أميركم أنتم في طلب هذه الأعاريب العجف منذ شهرين وهم قد خربوا بلادكم وكسروا خراجكم وأنتم حاذرون في جوف هذه الخنادق لا تزايلونها إلا أن يبلغكم أنهم قد ارتحلوا عنكم ونزلوا بلدا سوى بلدكم اخرجوا على اسم الله إليهم فخرج وأخرج الناس معه وجمع إليه خيول أهل العسكر فقال له الجزل ما تريد أن تصنع قال أريد أن أقدم على شبيب في هذه الخيل فقال له الجزل أقم أنت في جماعة الجيش فارسهم وراجلهم وأصحر له فوالله ليقدمن
(٦٥)