أعتذر إليك بغير ما يعلم الله أنه الحق وأيم الله لا أقول في هذا المقام إلا حقا قد والله سودنا عليك وحرضنا وجهدنا عليك كل الجهد فما آلونا فما كنا بالأقوياء الفجرة ولا الأتقياء البررة ولقد نصرك الله علينا وأظفرك بنا فإن سطوت فبذنوبنا وما جرت إليه أيدينا وإن عفوت عنا فبحلمك وبعد الحجة لك علينا فقال له الحجاج أنت والله أحب إلى قولا ممن يدخل علينا يقطر سيفه من دمائنا ثم يقول ما فعلت ولا شهدت قد أمنت عندنا يا شعبي فانصرف قال فانصرفت فلما مشيت قليلا قال هلم يا شعبي قال فوجل لذلك قلبي ثم ذكرت قوله قد أمنت يا شعبي فاطمأنت نفسي قال كيف وجدت الناس يا شعبي بعدنا قال وكان لي مكر ما فقلت أصلح الله الأمير اكتحلت والله بعدك السهر واستوعرت الجناب واستحلست الخوف وفقدت صالح الاخوان ولم أجد من الأمير خلفا قال انصرف يا شعبي فانصرفت (قال أبو مخنف) قال خالد بن قطن الحارثي أتى الحجاج بالأعشى أعشى همدان فقال إيه يا عدو الله أنشدني قولك بين الأشج وبين قيس أنفذ بيتك قال بل أنشدك ما قلت لك قال بل أنشدني هذه فأنشده أبى الله إلا أن يتمم نوره * ويطفى نور الفاسقين فيحمدا ويظهر أهل الحق في كل موطن * ويعدل وقع السيف من كان أصيدا وينزل ذلا بالعراق وأهله * لما نقضوا العهد الوثيق المؤكدا وما أحدثوا من بدعة وعظيمة * من القول لم تصعد إلى الله مصعدا وما نكثوا من بيثة بعد بيعة * إذا ضمنوها اليوم خاسوا بها غدا وجبنا حشاه ربهم في قلوبهم * فما يقربون الناس إلا تهددا فلا صدق في قول ولا صبر عندهم * ولكن فخرا فيهم وتزيدا فكيف رأيت الله فرق جمعهم * ومزقهم عرض البلاد وشردا فقتلاهم قتلى ضلال وفتنة * وحيهم أمسى ذليلا مطردا ولما زحفنا لابن يوسف غدوة * وأبرق منا العارضان وأرعدا قطعنا إليه الخندقين وإنما * قطعنا وأفضينا إلى الموت مرصدا
(١٧٨)