وقعة الزاوية بالبصرة في المحرم سنة 83 (قال أبو مخنف) حدثني سيف بن بشر العجلي عن المنخل بن حابس العبدي قال لما دخل عبد الرحمن بن محمد كرمان تلقاه عمرو بن لقيط العبدي وكان عامله عليها فهيأ له نزلا فنزل فقال له شيخ من عبد القيس يقال له معقل والله لقد بلغنا عنك يا ابن الأشعث أن قد كنت جبانا فقال عبد الرحمن والله ما جبنت والله لقد دلفت الرجال بالرجال ولففت الخيل بالخيل ولقد قاتلت فارسا وقاتلت راحلا وما انهزمت ولا تركت العرصة للقوم في موطن حتى لا أجد مقاتلا ولا أرى معي مقاتلا ولكني زاولت ملكا مؤجلا ثم إنه مضى بمن معه حتى فوز في مفازة كرمان (قال أبو مخنف) فحدثني هشام ابن أيوب بن عبد الرحمن بن أبي عقيل الثقفي قال لما مضى ابن محمد في مفازة كرمان وأتبعه أهل الشأم دخل بعض أهل الشأم قصرا في المفازة فإذا فيه كتاب قد كتبه بعض أهل الكوفة من شعر أبى جلدة اليشكري وهى قصيدة طويلة أيا لهفا ويا حزنا جميعا * ويا حر الفؤاد لما لقينا تركنا الدين والدنيا جميعا * وأسلمنا الحلائل والبنينا فما كنا أناسا أهل دين * فنصبر في البلاء إذا ابتلينا وما كنا أناسا أهل دنيا * فنمنعها ولو لم نرج دينا تركنا دورنا لطغام عك * وأنباط القرى والأشعرينا ثم إن ابن محمد مضى حتى خرج على زرنج مدينة سجستان وفيها رجل من بنى تميم قد كان عبد الرحمن استعمله عليها يقال له عبد الله بن عامر البعار من بنى مجاشع بن دارم فلما قدم عليه عبد الرحمن بن محمد منهزما أغلق باب المدينة دونه ومنعه دخولها فأقام عليها عبد الرحمن أيام رجاء افتتاحها ودخولها فلما رأى أنه لا يصل إليها خرج حتى أتى بست وقد كان استعمل عليها رجلا من بكر ابن وائل يقال له عياض بن هميان أبو هشام بن عياض السدوسي فاستقبله وقال له انزل فجاء حتى نزل به وانتظر حتى إذا غفل أصحاب عبد الرحمن وتفرقوا عنه وثب عليه فأوثقه وأراد أن يأمن بها عند الحجاج ويتخذ بها عنده مكانا وقد كان رتبيل
(١٧٢)