فقاتل قطريا وأصحابه من الأزارقة بعد ما صرف الحجاج عتاب بن ورقاء عن عسكره نحوا من سنة ثم إنه زاحفهم يوم البستان فقاتلهم قتالا شديدا وكانت كرمان في أيدي الخوارج وفارس في يد المهلب فكان قد ضاق عليهم مكانهم الذي هم به لا يأتيهم من فارس مادة وبعد ديارهم عنهم فخرجوا حتى أتوا كرمان وتبعهم المهلب حتى نزل بجيرفت وجيرفت مدينة كرمان فقاتلهم بها أكثر من سنة قتالا شديدا وحازهم عن فارس كلها فلما صارت فارس كلها في يدي المهلب بعث الحجاج عليها عماله وأخذها من المهلب فبلغ ذلك عبد الملك فكتب إلى الحجاج أما بعد فدع بيد المهلب خراج جبال فارس فإنه لا بد للجيش من قوة ولصاحب الجيش من معونة ودع له كورة فسا ودرابجرد وكورة إصطخر فتركها للمهلب فبعث المهلب عليها عماله فكانتا له قوة على عدوه وما يصلحه ففي ذلك يقوله شاعر الأزد وهو يعاتب المهلب نقاتل عن قصور درابجرد * ونجبى للمغيرة والرقاد وكان الرقاد بن زياد بن همام رجل من العتيك كريما على المهلب وبعث الحجاج إلى المهلب البراء بن قبيصة وكتب إلى المهلب أما بعد فإنك والله لو شئت فيما أرى لقد اصطلمت هذه الخارجة المارقة ولكنك تحب طول بقائهم لتأكل الأرض حولك وقد بعثت إليك البراء بن قبيصة لينهضك إليهم فانهض إليهم إذا قدم عليك بجميع المسلمين ثم جاهدهم أشد الجهاد وإياك والعلل والأباطيل والأمور التي ليست لك عندي بسائغة ولا جائزة والسلام فأخرج المهلب بنيه كل ابن له في كتيبة وأخرج الناس على راياتهم ومصافهم وأخماسهم وجاء البراء بن قبيصة فوقفه على تل قريب منهم حيث يراهم فأخذت الكتائب تحمل على الكتائب والرجال على الرجال فيقتتلون أشد قتال رآه الناس من صلاة الغداة إلى انتصاف النهار ثم انصرفوا فجاء البراء بن قبيصة إلى المهلب فقال له لا والله ما رأيت كبنيك فرسانا قط ولا كفرسانك من العرب فرسانا قط ولا رأيت مثل قوم يقاتلونك قط أصبر ولا أبأس أنت والله المعذور فرجع بالناس المهلب حتى إذا كان عند
(١٢٠)