وعلى كل حال فالأمر سهل بعد معرفة الضابط في الجواز والعدم، وإن ما شك فيه فالاطلاقات تقتضي جوازه، لعدم تحقق الجهالة المانعة من الصحة إذ المناقشة في الأمثلة ليست من دأب المحصلين، خصوصا بعد اختلاف حالها في الأمكنة والأزمنة، وخصوصا بعد ملاحظة جواز بيع الشخص الموصوف بالأوصاف الرافعة للجهالة عنه، ضرورة امكان فرض ذلك في الكلي على وجه لا يؤدي إلى عزة الوجود كما هو واضح والله العالم.
(و) من ذلك السلم (في الجلود) وإن قال المصنف فيه (تردد) ينشأ من عدم امكان ضبطها ومعرفتها على وجه ترتفع جهالتها، ولا يؤدي إلى عزة الوجود إلا بالمشاهدة التي يخرج معها عن السلم، لشدة اختلاف قيمتها معها، بحيث لا يقوم الوزن مقامها ولا غيره، ومن هنا كان المشهور نقلا وتحصيلا المنع، (وقيل) والقائل الشيخ والقاضي فيما حكى عنهما: (يجوز مع المشاهدة التي تدفع المحذور السابق، (وهو) وإن كان كذلك إلا أنه رده المصنف بأنه (خروج عن السلم) الذي قد عرفت وجوب كونه كليا مضمونا في الذمة، وأجاب منه في المسالك بأنه إنما يخرج مع تعيين المبيع، وكلام الشيخ أعم منه، فيمكن حمله على مشاهدة جملة كثيرة يكون المسلم فيه داخلا في ضمنها، وهذا القدر لا يخرج عن السلم كما لو شرط الثمرة من بلد معين، أو الغلة من قرية معينة لا تخيس عادة، إلا أنه قال بعد ذلك: والأجود المنع للاختلاف، وعدم الانضباط.
وفيه أن الأجود الجواز بناء على ما ذكره، إذا جعل المسلم فيه كليا معلوما مضمونا في الذمة، ثم اشتراط الأداء من المشاهد، وإلا فاشتراط الأداء من المشاهد لا يرفع الجهالة عن المبيع الكلي، إذ هو ليس من أوصافه، لا أنه جعل المسلم فيه واحدا منها، كما عساه يفهم من كلامه أولا، إذ هو إن صح كان على سبيل الإشاعة،