اشتراط التقابض في الملك، على أنك ستعرف كون الممنوع بيع الدين قبل البيع به كذلك، لا ما كانا أو أحدهما بعقد البيع، ومن ذلك كله يظهر لك ما في المحكي عن السرائر فإنه بعد أن ذكر ما في النهاية إذا باع الانسان دراهم بدنانير لم يجزه أن يأخذ بالدنانير دراهم مثلها إلا بعد أن يقبض الدنانير، ثم يشتري بها دراهم انشاء، قال (إن لم يتفارقا من المجلس إلا بعد قبض الدراهم المبتاعة بالدنانير التي على المشتري الأول فلا بأس بذلك وإن لم يكن قبضه الدنانير التي هي ثمن الدراهم الأول المبتاعة، هذا إذا عينا الدراهم الأخيرة المبتاعة، فإن لم يعيناها فلا يجوز ذلك، لأنه يكون بيع دين بدين، وإن عيناها لم يصر بيع دين بدين، بل يصير بيع دين بعين، كما أن منه يظهر ما في المسالك تبعا لغيره من أنه ينبغي القول بالصحة مطلقا في مفروض المتن إذا تقابضا قبل التفرق، وغاية ما يحصل في البيع أن يكون فضوليا فإذا لحقه القبض صح، وسيأتي أن بيع الدين بالدين على هذا الوجه غير ممتنع، إذ فيه منع جريان حكم الفضولي عليه بعد القول بأن الملك من حين القبض كمنعه فيما لو باع مال غيره ثم انتقل إليه.
وأغرب من ذلك كله ما في التنقيح من أن لنا أن نقول: إن بطلان البيع بالتفرق قبل التقابض لا يستلزم عدم تملك المشتري، لجواز تملكه ملكا متزلزلا، كالمبيع في زمن الخيار، فإن قبض لزم وإلا بطل، وإذا ملك صح البيع الثاني لأنه اشترى بثمن مملوك وصح البيع الأول أيضا، لأنه وإن لم يقبض الدراهم لكن قبض عوضها وهو الدنانير، وقبض العوض كقبض المعوض، إذ هو كما ترى مع مخالفته لما قدمناه من أن القبض شرط للملك، لا أن الافتراق مانع فيه نظر من وجه آخر لا يخفى، فالتحقيق ما ذكرناه وهو الموافق لاطلاق المشهور البطلان (و) منه يعلم أنه (لو افترقا) في مفروض المسألة قبل التقابض (بطل العقدان) معا لانتفاء الشرط فيهما حينئذ كما هو واضح والله أعلم.
(ولو كان له عليه دراهم فاشترى بها) منه (دنانير صح وإن لم يتقابضا، وكذا لو كان له دنانير، فاشترى بها دراهم ل) ما في الصحيح الآتي (1) من (أن النقدين من