إلى أن قال: فإذا تقرر هذا فإن العرية عندنا إنما تكون في النخلة الواحدة تكون في دار الانسان فلا يجوز فيما زاد على النخلة الواحدة، عملا بالعموم واقتصارا في الرخصة على موردها، ثم قال: قد بينا أن الضابط في التسويغ إنما هو النخلة الواحدة في الدار الواحدة والبستان الواحد، ولو كان له عدة دور في كل واحدة نخلة جاز بيعها عرايا، إذ يمكن حمل الجميع على إرادة بيع نخلة واحدة وإن كان لا يخلو من بعد نعم يتجه البحث معهم على هذا التقدير بأنه لا دليل على اعتبار الوحدة في البيع بل ما ذكروه في وجه المشروعية من المشقة ونحوها يقتضي التعميم، كاقتضاء إطلاق رخصته عليه السلام في بيع العرايا الذي عبر بمضمونه غير واحد، منهم ابنا زهرة وحمزة و غيرهما، والذيل المنساق لبيان حكم الواحدة ليعرف حكم الجمع لا دلالة فيه على تقييد ذلك كما هو واضح هذا كله، إلا أن الوقوف على ما سمعته أولا هو الموافق للاحتياط والله أعلم بحقيقة الحال.
(ولا يشترط في بيعها) أي العرايا (بالتمر التقابض قبل التفرق) خلافا للوسيلة ومحكي المبسوط، بل في الدروس (أنه طرد الحكم ثانيهما بوجوب التقابض في المجلس في الربويات تخلصا من الربا، وفيه منع واضح ولذا أطبق المتأخرون على خلافه في المقام وغيره، عدا الصرف منه فأوجبوه فيه مع اختلاف الجنس، لظهور الأدلة فيه، لا للتخلص من الربا، ضرورة صدق بيع المثل بالمثل في الربوي وإن لم يتقابضا في المجلس، وما في بعض النصوص من إيجاب البيع يدا بيد على اتفاق الجنس، يراد منه منع النسيئة في أحد المتجانسين، للزوم الربا حينئذ معه.
ومن هنا قال المصنف بعد نفي اعتبار التقابض هنا (بل يشترط التعجيل) فيهما (حتى لا يجوز إسلاف أحدهما في الآخر) بل لم يعرف فيه خلاف بينهم إلا أنه قد يناقش في اعتبار حلول الثمن بما سمعته سابقا من أن الثمرة على النخل لا يجري فيها الربا لانتفاء الموزونية فيها، كما أنه لا ظهور في دليل الرخصة بذلك أيضا. اللهم إلا أن يكون وجهه الاقتصار على المتيقن، سيما بعد ما سمعت من عدم الخلاف فيه بين الأصحاب، فيشكل التمسك بالاطلاق المزبور المحتاج إلى جابر في العمل به، لضعف سنده خصوصا