إذ التعليل بعسر الوجود لعدم الجواز، لا لعدم الوجوب كما قد عرفت، ويمكن أن يراد مما في المتن أنه لا يجب أن يطلب في الوصف الغاية، بل يقتصر على ما يتناوله اسم الوصف، فيكتفى حينئذ في وصف الحنطة مثلا بالحمراء، ولا يطلب الغاية في الاحمرار، وهو وإن كان ألصق بقوله بل يقتصر إلى آخره، لكنه فيه أولا أنه لا يجوز الاقتصار على اسم الوصف مع فرض اختلاف أفراده بما لا يتسامح فيه، ويؤدي تركه إلى الجهالة، وثانيا لا تكون العبارة عامة، للمعروف من الأصحاب هنا النص عليه من المبالغة في كثرة الأوصاف، فلا ريب في أن حمل العبارة على الأول الذي هو أعم من ذلك أولى، ولا ينافيه الاضراب بناء على ما عرفت.
نعم لولاه لأمكن حمل النهي في العبارة على حقيقته، على معنى أنه لا يفعل ذلك بحيث يؤدي إلى عزة الوجود، لبطلان السلم فيه حينئذ لما ستعرف من اشتراط كون وجوده غالبا، مع احتمال أن يقال فيه أن المراد من الأمر بالاقتصار، بيان ابتداء الرخصة في جواز ذلك، حتى ينتهي إلى الوصف المؤدي إلى عزة الوجود، والأمر في ذلك سهل بعد وضوح كون المراد على كل حال بيان جواز السلم في غير عزيز الوجود، والمنع فيه، بل قيل إنه لا خلاف فيه، بل ربما ادعى الاجماع عليه بل قيل إنه الدليل له، مضافا إلى التعليل بأن عقد السلف مبني على الغرر، لأنه بيع ما ليس بمرئى، فإذا كان عزيز الوجود كان مع الغرر مؤديا إلى التنازع والفسخ فكان منافيا للمطلوب من السلف، وإن كان هو كما ترى.
وعن الإيضاح توجيهه بأنه لما جل جناب الحق جل شأنه عن التكليف بما لا يطاق واقتضت حكمته البالغة عدم خرق العادات غالبا بمجرد ما يرد على العبد من متناقض الإرادات أبطل السلم فيما يؤدي إلى أحدهما قطعا، وما تجد أداؤه تجدد بطلانه، قال: فظهر من ذلك