على الركعتين المستفاد من التدبر في الآية الثانية بأنها من متممات الآية الأولى، فيكون الضمير فيها راجعا إلى أولئك الضاربين في الأرض الخائفين، وبظهورها في الجماعة لا الفرادى، لكن الأمر في ذلك سهل بعد أن عرفت الاستغناء عن الآيتين في إثبات كل من المطلوبين بغيرهما مما سمعت، فما عن المبسوط وظاهر جماعة من اشتراط قصرها في الحضر بوقوعها جماعة دون الفرادى اقتصارا على المتيقن ضعيف جدا، وإن نسب إلى الحلي، مع أن المحكي عن سرائره كالصريح في موافقة المشهور، والله أعلم.
ثم إن إطلاق النص والفتوى يقتضي جواز التقصير في صلاة الخوف وإن تمكن من الاتمام مع قصر الكيفية وبدونه، بل لعل ذلك كاد يكون صريحهما، بل هو مقطوع به من التدبر في الأدلة، خصوصا ما تسمعه منها في كيفية تأديتها جماعة، ضرورة التمكن من الاتمام، بعد أن حرس جمع من المسلمين العدو، لكن في الرياض عن الدروس تقييد جواز القصر بعدم التمكن من الاتمام نافيا عنه البأس، لانصراف إطلاق الأدلة إليه، لا أقل من الشك، فيبقى الأصل المقطوع به سليما، وهو كما ترى، بل لا صراحة في عبارة الدروس بذلك، قال: (الخوف مقتض لنقص كيفية الصلاة مع عدم التمكن من إتمامها إجماعا، وكذا نقص العدد على الأقوى سواء صليت جماعة أو فرادى) ومن الجائز إن لم يكن الظاهر إرادته التشبيه في أصل اقتضاء الخوف النقصان لا مع التقييد بالتمكن، وإلا كان ضعيفا جدا.
كضعف القول بأن المراد من القصر هنا الموجود في الكتاب والسنة والفتاوى غير القصر المتعارف الذي هو رد الأربعة خاصة إلى الركعتين، بل هو رد الاثنين إلى واحدة أيضا كما نقل عن ابن الجنيد، قال فيما حكي عنه، فإن كانت الحالة الثانية وهي مصافة الحرب والموافقة والتبعية والتهيؤ للمناوشة من غير أبدية صلى الإمام بالفرقة الأولى ركعة وسجد سجدتين، ثم انصرفوا وسلم القوم بعضهم على بعض في مصافهم،