ثم اغسل رأسه بالرغوة، وبالغ في ذلك واجتهد أن لا يدخل الماء منخريه ومسامعه، ثم أضجعه على جانبه الأيسر وصب الماء من نصف رأسه إلى قدميه ثلاث مرات، وادلك بدنه دلكا رفيقا وكذلك ظهره " الحديث لظهوره بالغسل الواجب للرأس في الرغوة كما يشعر به الاقتصار على غسل الجانبين خاصة بعد ذلك وإن قال: من نصف رأسه، ولا ريب في خروجها عن الاطلاق، وظن في الرياض أن الاستدلال به إنما هو بالتغسيل بما يبقى من الماء بعد الارغاء، فأجاب عنه بعدم استلزام الارغاء إضافة الماء الذي تحت الرغوة، وخصوصا مع صبه في الماء المطلق الذي في الإجانة الأخرى كما في الخبر، وليس فيه مع ذلك إيماء إلى غسله بالرغوة، بل مصرح بغسله بما تحتها مع الماء المطلق الذي في الإجانة الأخرى، وأن الرغوة إنما يغسل بها الرأس خاصة، وفي الخبر حينئذ إشعار بذلك، بل دلالة لما ذكرناه لا لما ذكره، انتهى.
قلت: ولا يخفى عليك ما فيه بعد تسليم غسل الرأس بالرغوة التي هي خارجة عن الاطلاق، إذ بضميمة عدم القول بالفصل يتم المطلوب، نعم لو أنكر إرادة الغسل الواجب للرأس بذلك لاتجه حينئذ ما ذكره، لكنه مع أن ظاهر كلامه تسليمه قد صرح عند ذكر المصنف استحباب غسل الرأس بالرغوة مقدما على الغسل بأنه لا دلالة في المرسل كغيره من الأخبار عليه، بل هو ظاهر في أنه أول الغسل، ومع ذلك كله فقد يناقش فيما ذكره أيضا بغلبة خروج ما تحت الرغوة عن الاطلاق، وعدم استلزام رده إلى الإجانة التي فيها صيرورته مطلقا لاحتمال قلة الماء.
وكيف كان فقد ظهر لك من ذلك كله قوة القول بالاجتزاء به وإن خرج عن الاطلاق كما اختاره بعض متأخري المتأخرين، كما أنه ظهر لك الجواب عما ذكر مستندا للأول من الشك في الامتثال، إذ على تقدير اعتبار مثل ذلك في المقام قد يمنع الشك بعد ملاحظة ما ذكرنا، وكذا الثاني بما سمعته من الذكرى من الطهارة بماء القراح خاصة،