جنسه أولى من رده إلى غير جنسه، حتى يكون قياس الصلاة على الصلاة أولى من قياسها على الصوم والحج، لأنه أقرب شبها به. وهذا ليس ببعيد، لان اختلاف الأصول يناسب اختلاف الاحكام، فإذا كان جنس المظنون واحدا كان التفاوت أغلب على الظن، وعن هذا جعل مجرد الشبه حجة عند قوم. الثاني عشر: علة أوجبت حكما وزيادة مرجحة على ما لا يوجب الزيادة عند قوم، لان العلة تراد لحكمها، فما كانت فائدتها أكثر فهي أولى حتى قالوا: ما أوجب الجلد والتغريب أولى مما لا يوجب إلا الجلد، وعلى مسافة قالوا: علة تقتضي الوجوب أولى مما تقتضي الندب. وما تقتضي الندب أولى مما تقتضي الإباحة، لان في الواجب معنى الندب وزيادة. الثالث عشر: ترجيح المتعدية على القاصرة وهو ضعيف عند من لا يفسد القاصرة، لان كثرة الفروع بل وجود أصل الفروع لا تبين قوة في ذات العلة، بل ينقدح أن يقال: القاصرة أوفق للنص فهي أولى. الرابع عشر: ترجيح الناقلة عن حكم العقل على المقررة، لا الناقلة أثبتت حكما شرعيا، والمقررة ما أثبتت شيئا، وقال قوم: بل المقررة أولى، لأنها معتضدة بحكم العقل الذي يستقل بالنفي لولا هذه العلة، ومثاله علة تقتضي الزكاة في الخضراوات، وأخرى تنفي الزكاة، وعلة توجب الربا في الأرز، وأخرى تنفي فإن قيل: فلم صحت العلة المبقية على حكم الأصل ولم تفد شيئا، لأنها لو لم تكن علة لكنا نبقي الحكم أيضا، قلنا: إن كان الامر كذلك فلا يصح، كمن علل ليدل على أن هبوب الرياح لا يوجب الصوم والوضوء، بل ينبغي أن يقتضي تفصيلا؟ لا يقتضيه العقل، أو تقتضي زيادة شرط أو إطلاقا لا يقتضيه العقل. كما لو نصب علة لجواز بيع غير القوت، فإن تخصيص غير القوت عن القوت مما لا يقتضيه العقل. الخامس عشر: تقديم العلة المثبتة على النافية، قال به قوم، وهو غير صحيح، لأن النفي الذي لا يثبت إلا شرعا كالاثبات، وإن كان نفيا أصليا يرجع إلى ما قدمناه من الناقلة والمقررة، وقد قال الكرخي: العلة الدارئة للحد أولى من الموجبة، وهذا يصح بعد ثبوت قوله عليه السلام: ادرؤوا الحدود بالشبهات ولا يجري في العبادات والكفارات وما لا يسقط بالشبهات، بل إذا كان للوجوب وجه وللسقوط وجه وتعارض الوجهان كان المحل محل شبهة فيسقط لعموم الخبر لا لترجيح الدارئة على الموجبة. السادس عشر:
ترجيح علة هي بطريق الأولى على ما هي مثل، كتعليل قبول شهادة التائب وقياسه على ما قبل إقامة حد القذف، وتعليل وجوب كفارة العمد وقياسه على الخطأ وتعليل صحة النكاح عند فساد التسمية قياسا على ترك التسمية، وإن كان ذلك بطريق الأولى فهو أقوى. السابع عشر: رجح قوم العلة الملازمة على التي تفارق في بعض الأحوال، وهو ضعيف إذ رب لازم لا يكون علة، كحمرة الخمر، بل كوجود الخمر والبر. الثامن عشر: رجح قوم علة انتزعت من أصل سلم من المعارضة على علة انتزعت من أصل لم يسلم من المعارضة بمثلها.
التاسع عشر: رجح قوم علة توجب حكما أخف، لان الشريعة حنيفية سمحة، ورجح آخرون بالضد، لان التكليف شاق ثقيل، فهذه ترجيحات ضعيفة. العشرون: ترجيح علة توجب في الفرع مثل حكمها على علة توجب في الفرع خلاف حكمها، كتعليل الشافعي رحمه الله في مسألة جنين الأمة يوجب حكما مساويا للأصل في التسوية بين الذكر والأنثى، وتعليل أبي