الجملة التي تفردت. فيقول: لم يثبت تحريم ماسمتنى (1) تحريمه، أو لم يثبت نفي أردت نفيه، إذا نفته الجملة المقتضية لنفي أحكام هذا منها، أو يعلقه (2) بالجملة التي تقتضي الإثبات، إذا رام إثباته، وليس ذلك مما ذكرنا من قول القائلين: بأن النافي لا دليل عليه في شئ، لأن المثبت والنافي سواء في ذلك: هي الجملة التي أسند إليها مقالته، على الوصف الذي قدمنا.
نظير ذلك: أن قائلا لو قال لنا: لم أبحتم أكل الأرنب؟ لجاز لنا أن نقول: لأنه لم يثبت تحريمه. إذ كان الأصل الإباحة في مثله، فمن رام العدول عن هذا الأصل، وإخراج شئ منه احتاج إلى دلالة في إثبات خطره، فإذا علقه بهذا الأصل كان ذلك دليلا على نفي الحظر، ويحتاج مثبت الحظر إلى إقامة الدلالة على ما ادعى، فلا يحتاج القائل بالإباحة إلى أكثر من ثباته على الأصل، وإن لم يعلقه المسؤول بأصل يقتضي إباحته - لم يصح له أن يقول، لأنه لم يثبت تحريمه، لأنه يقال: أفتثبت (3) إباحته؟
فإن قال: نعم.
قيل له: فدل على ثبوت الإباحة.
وكذلك لو قال قائل: لم أجزتم بيع العقار قبل القبض؟ فقلنا: لأنه لم يثبت حظره، وقد أطلق الله البيوع بلفظ عام، فقال تعالى: (وأحل الله البيع وحرم الربا) (4) فمن ادعى الحظر وإخراج شئ من هذه الجملة، كان عليه إقامة الدليل، وإلا فالحكم الإباحة والجواز، كان هذا كلاما صحيحا، ولو اقتصر المسؤول على قوله لم يثبت حظره، ولم ينسبه إلى أصل من عموم أو جملة تقتضي إباحته، لم يصح له القول (به) (5)، إلا بإقامة الدليل على نفيه، وكذلك هذا في الإثبات. لو قال قائل: لم أجزتم نكاح المحرم؟ جاز أن تقول: (6)