واحتج على أصحاب الطبائع (1) بقوله: (وفي الأرض قطع متجاورات) إلى قوله تعالى (يسقى (2) بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل) (3) فأدحض مقالتهم، وأبان عن فسادها بأن هذا (لو كان) (4) من طبع التربة والماء والهواء - لجاءت الطعوم متساوية متفقة، ولم يترك لملحد تأمله شبهة، وقال تعالى: (وجادلهم بالتي هي أحسن) (5) وقال تعالى: (وكأي من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون) (6) وقال تعالى: (قال من يحيى العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم) (7) فدلهم بخلقها ابتداء، على القدرة على إعادتها بعد إفنائها، وقال تعالى: (قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة) (8) فحثهم على النظر، وأمرهم بالتفكر والتدبر. وقال تعالى: (لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) (9) فلو كان الذين بالتقليد لبطل الاعتبار ومواضع الفكر. (10) ونظائر ذلك: من الآي، التي فيها الحجاج، والنظر، والأمر بالاعتبار، والفكر. كثيرة يطول الكتاب بذكرها، وإلى هذا دعا النبي صلى الله عليه وسلم من أول ما بعثه الله تبارك وتعالى إلى أن قبض. وأمرهم بالاستدلال والنظر، وقد نقلت الأمة ذلك (11)، خلفا عن سلف، نقلا متواترا متصلا، كما نقلوا دعاءه إياهم إلى التوحيد. وإلى تصديق النبي صلى الله عليه وسلم، نقلوا معه دعاءه إياهم إلى الاعتبار والنظر. فمن أنكر حجج العقول ودلائلها، فإنما يرد على الله
(٣٧٨)