رجل فجحده: إن البينة على المدعي دون الذي الشئ في يده، ولم يكن على الذي في يده بينة، إذ كان منكرا وجب مثله في منكر الحكم والمدعى لإثباته.
قيل له قد رضينا بهذه القضية أيضا، فأنت مثبت في مسألتنا من الوجوه التي ذكرنا، فألزم نفسك إقامة الدلالة من حيث كنت مدعيا لإثبات المعاني التي ذكرنا، ولم صرت بإسقاط الدلالة عنك أولى من حيث كان مثبتا؟ وأسقطت عن الذي الشئ في يده من حيث كان منكرا؟ لأنه لو كان كذلك لكان على كل واحد منهما البينة، وعلى كل واحد منهما اليمين،، إذ كان كل واحد منهما منكرا لملك صاحبه، ومدعيا لملك نفسه، وإنما أوجب النبي صلى الله عليه وسلم البينة على الذي ليس الشئ في يده (1) لأن الذي الشئ في يده ظاهرة يده توجب (2) له الملك، فلم يحتج إلى بينة أكثر من شهادة (3) ظاهرة اليد، والخارج ليس له ظاهر يشهد له، فاحتاج من أجل ذلك إلى بينة، وأما المتنازعان في نفي الحكم وإثباته، فليس مع واحد منهما ظاهر يشهد له، فوجب (4) على كل واحد منهما إقامة البينة على صحة ما يدعيه من نفي وإثبات.
ونظير ذلك من مدعي الملك: أن يكون الشئ في يد غيرهما، وهما يدعيانه، فيطالب كل واحد منهما بالبينة، وإن كان منكرا لدعوى صاحبه، إذ ليس لواحد منها ظاهر يشهد (له). (5) وأيضا: فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخل المنكر من يمين أوجبها عليه، لقطع المنازعة في الخصومة، فهل توجب أنت على منكر الحكم سببا يفصل بينه وبين خصمه غير نفيه إياه.
قال أبو بكر: وقد يجئ مسائل تشاكل هذا الباب في (6) إقامة الدلالة على المثبت والنافي جميعا، بعد أن يكون القول الذي انتحله قد انطوى تحت جملة تقتضي النفي إن كان باقيا، والإثبات إن كان مثبتا، فيبنى القائل به مقالته في الفرع الذي اختلفوا فيه على