اليسير: أنهم شذوذ، لا يلتفت إليهم، وإنما فائدة قوله صلى الله عليه وسلم (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم) أن الحق لا يخرج عنهم، وأنه سائغ لكل واحد استعمال الرأي في اتباع أحدهم، على حسب ما يقوده إليه الدليل، وأنه غير جائز له الخروج عن أقاويلهم جميعا.
وأيضا: فإن قوله: (فليلزم الجماعة فإن الشيطان مع الواحد) ينفي جواز اتباع الواحد وترك الجماعة، فوجب: أن يكون قوله (بأيهم اقتديتم اهتديتم) محمولا على الحال التي لا يكون هناك جماعة يلزم اتباعها، وفي الاختلاف الذي يسوغ لكل واحد القول فيه من جهة الرأي والاجتهاد، ولولا أن ذلك كذلك، لكن من اقتدى بواحد من الصحابة مصيبا باقتدائه في كل حال، وقد علمنا أن الصحابة قد اختلفت في أمور، تحزبوا فيها، وتبرأ بعضهم من بعض، وخرجوا إلى القتال وسفك الدماء، ولم يسوغوا الخلاف فيه. فدل:
على أن قوله صلى الله عليه وسلم: (بأيهم اقتديتم اهتديتم) فيما اختلفوا فيه مما يسوغ فيه الاجتهاد، فيجتهد الناظر في طلب الحق من أقاويلهم، غير خارج عنها، ولا مبتدع مقالة لم يقولوا بها.
ونظير ما قدمنا من خلاف الواحد فيما لم يسوغ الجماعة خلافه عليها: فنحو مذهب ابن عباس، كان في الصرف يجيز بيع الدرهم بالدرهمين، (1) وأنكرت عليه الصحابة هذا القول، فرجع عنه. وكقول ابن عباس في متعة النساء، (2) وإنكار الصحابة ذلك عليه. وقد قال محمد بن الحسن: لو أن قاضيا (قضى) (3) بجواز بيع درهم بدرهمين، أبطلت قضاءه، (4) لأن جماعة الصحابة سوى ابن عباس: قد أجمعت على بطلانه. قال: وكذلك لو أن قاضيا جعل ذوي الأرحام أولى من مولى العتاقة، أبطلت قضاءه، (5) لأن الصحابة سوى بن مسعود، قد أجمعت: على أن مولى العتاقة أولى من ذوي الأرحام، وروى أيضا