وقوله صلى الله عليه وسلم (لا تجتمع أمتي على ضلال) وسائر الأخبار (1) الموجبة لصحة الإجماع من غير تخصيص وقت عن (2) وقت، ولو جاز اجتماعهم على خطأ قبل انقراض العصر - لجاز ذلك عليهم أيضا مع انقراضهم، وهذا يؤدي إلى بطلان حجة الإجماع.
فإن قال قائل: قد خالف عمر أبا بكر في التسوية في العطاء (3)، وقد روي عن علي (أنه قال): (4) (أجمع رأي ورأي عمر في جماعة المسلمين: أن لا تباع أمهات الأولاد، ثم رأيت أن أرقهن) (5) وهذا يدل على اعتبار انقراض العصر.
قيل له: أما التسوية في العطاء فلم يقع عليها إجماع قط، لأن عمر قد خالف أبا بكر، وقال له: أتجعل من لا سابقة له في الإسلام كذي السابقة؟ فقال أبو بكر: إنما عملوا لله عز وجل، وأجورهم على الله تبارك وتعالى. فلم يحصل منهم إجماع على التسوية. وأما بيع أم الولد: فإنه لم يثبت عن علي (وذلك لأنه روي أنه قال: ثم رأيت: أن أرقهن، وليس في قوله: (رأيت أن أرقهن دليل أنه) (6) رأى جواز بيعهن، لأنها قد تكون رقيقا، ولا يجوز بيعها، مثل الرهن، والمستأجرة، وهي عندنا رقيق، ولا نرى بيعها. فإذا كان كذلك فإنما أفاد بقوله: رأيت أن أرقهن: أن للمولى وطأهن بملك اليمين. وأخذ أكسابها، وما جرى مجرى ذلك من أحكام الأرقاء، وقد روي أنه قال: رأيت: أن أبيعهن، وجائز أن يكون المحفوظ هو الأول، وأن ما روي من قوله: رأيت أن أبيعهن،: إنما هو لفظ الراوي، حمله على المعنى عنده، لما ظن قوله (أن) (7) أرقهن: يوجب جواز بيعهن.
فإن قيل: إذا كان في الابتداء جائز لهم خلافهم، فهلا جوزت لهم الخلاف بعد موافقتهم إياهم؟؟