والوجه الأول: لا معنى له، ولا فائدة فيه، لأنه لا يجوز أن يشاورهم في أن فرض الظهر أربع (ركعات) (1) ولا في مائتي درهم خمسة دراهم، ولا في سائر ما فيه النصوص، وقول القابل: إنه يكون تطييبا لنفوسهم (فلغو ساقط، لأنهم إذا علموا) (2) أنه شاورهم في المنصوص تطييبا لقلوبهم، علموا أنه لا فضيلة لهم فيه، ولا فائدة، ثبت الوجه الثاني.
وأيضا: فقد شاور النبي عليه السلام أصحابه في كثير من الأمور التي تتعلق بالدين، من أمر الحروب (3) وغيرها، ألا ترى: أنه لما أراد النزول دون بدر قال له الحباب ابن المنذر (4) (أرأي رأيته يا رسول الله؟ أم وحي؟ فقال: بل رأى رأيته، فقال: إني أرى أن تنزل على الماء ففعل) (5) وشاور النبي عليه السلام أبا بكر، وعمر رضي الله عنهما، في أسارى بدر. (6) ورأى أن يعطي المشركين في الخندق نصف ثمار المدينة، فكتب الكتاب، فلما أراد أن يشهد فيه وحضر (7) الأنصار (قالوا يا رسول الله، (أرأى) (8) رأيته؟ أم وحي؟ فقال: بل رأيي، فقالوا:
فإنا لا نعطيهم شيئا. وكانوا لا يطمعون (9) فيها في الجاهلية، أن يأخذوا منها ثمرة إلا قرى، أو مشرى، فكيف وقد أعزنا الله بالإسلام!!؟ (10) وقال عليه السلام لعمر بن الخطاب:
(أرأيت لو تمضمضت بماء (11) أكان يفطرك؟ فكذلك القبلة) (12) وقال للخثعمية (أرأيت لو كان على أبيك دين فتقضينه (أكان يجزى)؟ (13) قالت: