منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٨٤
العملي على المتيقن السابق وعدم نقض يقينهم بالشك فيه، فهم متفقون عليه ولا يختلفون فيه.
وعليه فكل من الاستدلال بأصل البناء العملي العقلائي، ومن حسن التعليل بأمر ارتكازي صحيح، حيث إن اليقين والشك في مورد الرواية المتعلقين بالوضوء صغرى للكبرى الكلية الارتكازية العقلائية - وهي عدم نقض اليقين بالشك - التي جعلها الشارع أصلا من الأصول و لو كان فيها جهة كشف، لكن الشارع لم يعتبرها من هذه الحيثية كبعض القواعد الواجدة لحيثية الكشف، إلا أن الشارع اعتبرها بدون لحاظ كشفها، وربما تكون قواعد التجاوز والفراغ والصحة من هذا القبيل.
والوجه في عدم اعتبار طريقيتها هو أنه اعتبر في موضوعاتها الشك الذي يفترق به الأصل عن الامارة.
وبالجملة: مقتضى التعليل كون الجري العملي على طبق المتيقن السابق أمرا ارتكازيا عقلائيا، وهذا الامر العقلائي صار موردا لحكم الشارع ومتبعا لديه كسائر الأمور العقلائية التي تنالها يد التعبد الشرعي، على اختلافها في الاعتبار من حيث كون بعضها أمارة و الاخر أصلا عمليا. ويكفي في الدلالة على التعبد الشرعي تطبيق تلك الكبرى على المقام وجعله من صغرياتها مع وضوح صغرويته لها وجدانا، فان مثل هذه التطبيقات من المعصوم عليه السلام بيان للحكم الشرعي، لا لمجرد الاخبار عن الامر الخارجي الذي ليس بيانه من شأنه، بل يدل التطبيق على إمضاء الكبرى ومشروعيتها.
فالمتحصل: أن الاستصحاب من الأمور الارتكازية العقلائية التي اعتبرها الشارع - مع قيود - أصلا من الأصول العملية، وليس من السير العقلائية المنهي عنها شرعا كالعمل بالقياس ونظائره. ولا يرد عليه أنه بناء على ارتكازية الاستصحاب يلزم حجية مثبتاته وكونه معارضا لدليل اجتهادي في مورد اجتماعهما، وذلك لما عرفت من عدم اعتباره لأجل الكشف والطريقية، فلاحظ وتدبر.