منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٨١
إذا علل وجوب إكرام زيد الشاعر بكونه شاعرا مع عدم موضوعية الشعراء فعلا لوجوب الاكرام، وكان التعليل به لمجرد صلاحيتهم لان تنالهم يد تشريع وجوب الاكرام في المستقبل، فهل يصح مثل هذا التعليل في المحاورات؟ والمفروض أن المقام من هذا القبيل، ضرورة أنه علل الحكم الفعلي - وهو عدم نقض اليقين بالوضوء بالشك فيه - بما يصلح لان يكون مرتكزا في ذهن العرف والعقلاء من عدم نقض اليقين بالشك مع عدم كونه مرتكزا فعليا لهم، وليس هذا إلا من تعليل الحكم الفعلي بالشأني.
فالمتحصل: أن التعليل المزبور لا يحسن إلا بكون العلة من المرتكزات الفعلية، وبوضوح انطباقها على المعلل لدى العقلاء فعلا لا قوة و شأنا، وإلا يخرج عن التعليل بأمر ارتكازي فعلي إلى التعليل بأمر ارتكازي شأني.
ويشكل الوجه الثاني أولا: بأنه جعلت القاعدة الكلية الارتكازية قاعدة اليقين بقرينة قوله دام ظله: (لان اليقين متعلق بالحدوث فقط) ضرورة أن وحدة متعلقي اليقين والشك حقيقة هي قاعدة الشك الساري دون الاستصحاب، ولازم ذلك تطبيق تلك القاعدة تعبدا على الاستصحاب، مع وضوح عدم كونه صغرى لها لا وجدانا ولا تعبدا، لما بين قاعدتي اليقين والاستصحاب من المنافاة.
وبالجملة: فالتطبيق التعبدي يوجب صغروية الاستصحاب لقاعدة اليقين، وهو كما ترى.
وثانيا: بأن المراد بالقاعدة الارتكازية في كلماتهم هو الشك الطاري كما يظهر من أمثلتهم، دون الشك الساري، فلاحظ.
وثالثا: بأنه لا يظهر وجه لتنظير اليقين والشك المتعلقين بشئ واحد بطريقين أحدهما مأمون الضرر والاخر محتمله، وذلك لأنه مع تعدد الطريق يمكن فرض الامن في واحد منهما واحتماله في آخر.
بخلاف المقام، فان الوضوء المشكوك في بقائه مثلا محتمل الامن فقط، إذ الوضوء المعلوم وان كان معلوم الامن، لكنه قد خرج عن مورد الابتلاء، لانتفائه، فليس في حال الشك طريقان