منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٨٢
أحدهما مأمون الضرر والاخر محتمله. نعم لا إشكال في أن لزوم سلوك الطريق المأمون وترك الطريق المحتمل الامن من المرتكزات العقلائية، لكنه كما عرفت أجنبي عن مورد البحث.
وبالجملة: فالتطبيق التعبدي لا يجعل الاستصحاب من صغريات قاعدة اليقين ولا من صغريات الطريقين المأمون أحدهما من الضرر و الاخر محتمله وان فرض كون كلتا القاعدتين من مسلمات المرتكزات العقلائية.
ورابعا: بالفرق بين النزاع في المقام ومسألة اجتماع الأمر والنهي، و ذلك لان كبرى استحالة اجتماع الضدين من البديهيات الأولية، و النزاع في تلك المسألة متمحض في صغرويتها لاجتماع الضدين و عدمها، فان كانت جهتا الأمر والنهي تعليليتين كانت مسألة الاجتماع من صغريات اجتماع الضدين المستحيل، لكون التركيب حينئذ اتحاديا. وان كانتا تقييديتين خرجت عن مسألة اجتماع الضدين، إذ لا تجتمع الصلاة والغصب مثلا في واحد حتى يستحيل اجتماعهما، لكون التركيب حينئذ انضماميا. وهذا بخلاف المقام، فان النزاع في ثبوت أصل القاعدة الارتكازية.
والمتحصل: أن التنافي بين كلمات المصنف (قده) لا يندفع بما أفيد.
بل هذا الاشكال وارد على كل من يرى صلاحية بناء العقلاء للاستدلال به على اعتبار الاستصحاب، وذلك لدلالة المضمرة صراحة أو ظهورا - كما اعترف به المصنف في التنبيه الرابع عشر وفي حاشية الرسائل - على حجية الاستصحاب حتى مع الظن بالخلاف، و من المعلوم عدم بناء العقلاء على الحالة السابقة حتى مع الظن بانتقاضها، بل يتفحصون عنها عند الظن بحصول ما ينافيها، ويشهد له كلام زرارة في الصحيحة الآتية أيضا: (فان ظننت أنه قد أصابه و لم أتيقن فنظرت فلم أر شيئا) حيث لم يعتمد على الحالة السابقة في افتتاح الصلاة مع ظن إصابة دم الرعاف بالثوب، بل تفحص عنه.