منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٢٣٧
حقيقة الاستصحاب جر الحكم الثابت واقعا تعبدا لا حقيقة، ومن المعلوم أن هذا الابقاء والاستمرار معنى اسمي ينظر إليه بالاستقلال، و تتوقف استفادته من الكلام على إنشائه بالمعنى الاسمي والدلالة عليه كذلك، بأن يقول: (كل ماء طاهر وتستمر طهارته إلى العلم بالقذارة) أو (كل ماء طاهرطاهر حتى تعلم أنه قذر) مما يدل على لحاظ الابقاء في عمود الزمان مستقلا. ولكن المفروض استفادة الاستصحاب من (حتى) ونحوه، ومن المعلوم أن الغاية من شؤون المغيا وتوابعه، ولا تدل إلا على خصوصية في غيرها كسائر المعاني الحرفية الدالة على النسب والارتباطات القائمة بالمفاهيم الاسمية.
وحيث كان المعنى الحرفي سنخ وجود لا يتصور له وجود نفسي لا جوهرا ولا عرضا لكونه ملحوظا فانيا في الغير، انحصر مدلول الغاية بتخصص المغيا - أعني كل شئ طاهر - بخصوصية الامتداد و الاستمرار في زمان الجهل، بمعنى دلالة الكلام المشتمل على الغاية على كون المجعول هو المغيا الخاص أي الممتد إلى حصول العلم بالخلاف، وليس مدلوله إنشاء أمرين مستقلين أحدهما جعل أصل الطهارة لكل شئ، والاخر جعل استمرارها إلى الغاية المحدودة كما أفاده المصنف (قده) كي تتعدد دلالة الحديث على حكمين، هذا.
مضافا إلى: أن المجعول بأدلة الاستصحاب كما عرفت هو إبقاء ما ثبت أي التعبد ببقاء الامر الثابت حكما كان أو موضوعا، وهذا المعنى لا يستفاد من مثل (كل شئ طاهر حتى تعلم) لظهوره في جعل الطهارة المستمرة إلى زمان العلم بالخلاف.
مع وضوح الفرق بين جعل الطهارة البقائية وبقاء الطهارة المفروغ عن ثبوتها، إذ الاستصحاب هو الثاني دون الأول، وحيث لم يكن أصل الثبوت مفروغا عنه بل المجعول هو ثبوت الطهارة الممتدة - لفرض استظهار الحكم الواقعي من المغيا - أشكل الاستدلال بها على الاستصحاب.
بل قد يشكل دلالة الغاية على الاستصحاب بما أفاده المحقق الأصفهاني (قده)