منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٢٤١
الاحتمال الخامس: ما أفاده صاحب الحدائق من دلالة موثقة عمار و نحوها على طهارة الأشياء واقعا، وإناطة النجاسة بالعلم بها، قال (قده): (ان ظاهر الخبر المذكور أنه لا تثبت النجاسة للأشياء ولا تتصف بها إلا بالنظر إلى علم المكلف، لقوله عليه السلام: فإذا علمت فقد قذر بمعنى أنه ليس التنجيس عبارة عما لاقته عين النجاسة واقعا خاصة، بل ما كان كذلك وعلم به المكلف، وكذلك ثبوت النجاسة لبشئ إنما هو عبارة عن حكم الشارع بأنه نجس وعلم المكلف بذلك، وهو خلاف ما عليه جمهور أصحابنا رضوان الله عليهم).
ولعله استفاد هذا المعنى من مقابلة القذر للنظيف، وحيث إن ظاهر القذارة الفعلية المنوطة بالعلم بها هي الواقعية فبقرينة المقابلة لا يراد من النظيف إلا الواقعي أيضا.
لكنه ممنوع، فان ظاهرها ترتب حقيقة النجاسة الظاهرة في فعليتها - لا في اقتضائها - على الموضوعات بذواتها لا بما هي معلومة. بل نفس المقابلة بين القذر والطاهر ظاهرة في إرادة الفعلي كما هو شأن كل عنوان مأخوذ في لسان الدليل، والمراد بالقذر المعلوم أي المؤثر في ترتيب أحكامه عليه، ويؤيده قوله عليه السلام:
(وما لم تعلم فليس عليك) فإنه مع كون القذر فعليا قد سلبت أحكامه عنه.
ويقابل هذا الاحتمال بتمام المقابلة دعوى طريقية العلم بالقذارة بأن يكون المعنى (كل شئ طاهر حتى يتقذر) بعروض النجاسة عليه، فليس العلم إلا كاشفا عن الواقع، كما هو أحد القولين في قوله تعالى:
(كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود) فان مفاده جوازالأكل والشرب إلى طلوع الفجر لا إلى تبين طلوعه.
لكنه خلاف الظاهر أيضا، إذ لا وجه لاسقاط العلم عن الموضوعية بعد ظهور الغاية في تحديد المغيا، والمتحصل من مجموع الكلام هو الطهارة الظاهرية التي هي قاعدة الطهارة لا غير.