منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٢١٧
الاستدلال بالمكاتبة من ناحية الاثبات.
ولشيخنا المحقق العراقي (قده) إشكال ثبوتي ووافقه عليه بعض أجلة تلامذته كسيدنا الأستاذ (قده) في حقائقه، ومحصله: أن استصحاب الشهر لا يثبت موضوع الحكم إلا بالأصل المثبت، حيث إن وجوب الصوم ان كان مترتبا على بقاء الشهر بمفاد (كان) التامة فلاستصحابه مجال. وان كان مترتبا على كون الزمان المعين - كهذا اليوم - من شهر رمضان بمفاد (كان) الناقصة، فلا مجال لاستصحاب بقاء الشهر، إذ لا يترتب الوجود النعتي على استصحاب الوجود المحمولي إلا على القول بالأصل المثبت، والظاهر من قوله تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) وغيره هو الثاني، لظهوره في اعتبار وقوع الصوم في الشهر، وإحراز رمضانية النهار الذي يقع فيه الصوم لا يمكن باستصحاب بقاء الشهر، لقصوره عن إثبات رمضانية هذا النهار حتى يقع الصوم في شهر رمضان.
أقول: هذا الاشكال الجاري في مطلق الافعال المقيدة بالزمان، سيأتي تفصيله في التنبيه الرابع، وقد تخلص منه كل بوجه من الوجوه، فمنهم من أجرى الاستصحاب في نفس الحكم المقيد كالشيخ، ومنهم من أجراه في الفعل المقيد كالمصنف، حيث قال: (ان الامساك كان قبل هذا الان في النهار، والآن كما كان، فيجب) ومنهم من أجراه في نفس الزمان بعد إنكار أصل التقييد وكفاية الاجتماع في الوجود كالمحقق النائيني، ومنهم من أجراه تارة في الزمان بمفاد كان الناقصة، وأخرى في الموضوع بنحو الاستصحاب التعليقي كالمحقق العراقي. وعليه فالاشكال المتقدم انما يقدح في الاستدلال بالمكاتبة لو لم يندفع بشئ من الوجوه المشار إليها، وإلا فمع اندفاعه ببعضها لا إشكال ثبوتا في الاستدلال، ولعل تعرض المحقق العراقي للاشكال لأجل عدم تمامية ما ذكره المصنف وغيره في استصحاب الموقتات، وسيأتي بعض الكلام في محله إن شاء الله تعالى.