منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٢١٦
بل نفس جملة (صم للرؤية) في مقام الجواب عن السؤال المزبور مع الغض عن قوله: (اليقين لا يدخل فيه الشك) تدل على الاستصحاب، إذ عدم الاعتناء بالشك في تمامية شعبان وإناطة وجوبالصوم بالرؤية الموجبة للقطع بتماميته ليس إلا الاستصحاب، فلا وجه لجعلها قرينة على عدم إرادة الاستصحاب من صدر الرواية، فيستفاد منه: أن اليقين بشعبانية الشهر لا ينقض بالشك في تماميته بل ينقض باليقين بها الحاصل برؤية هلالشهر رمضان.
والمراد بالرؤية ليس خصوص اليقين، بل المقصود بها هو الحجة مطلقا ذاتية كانت أم مجعولة، فان صومشهر رمضان كسائر الواجبات الموقتة التي لا بد في فعلها من إحراز وقتها بحجة عقلية أو شرعية، لعدم جواز إتيانها قبل أوقاتها، فاليقين في باب الصوم كغيره من الموقتات طريقي، وليس جز موضوع الصوم ولا قيده، وإلا لم تقم البينة مقامه، لان بناء المصنف على عدم قيام الامارات مقام القطع الموضوعي وان لوحظ على وجه الكاشفية، مع أن من المسلم ثبوت هلالشهر رمضان بالبينة. وكذا لم يكن وجه لوجوب قضاء صوم يوم الشك لو أفطر فيه ولم يصمه بنية شعبان، وذلك لان الموضوع هو العلم بالرمضانية، وهو لم يحصل للجاهل، فلم يتوجه إليه خطاب الصوم. بل لو صام بنية الندب لم يحسب أيضا من صومشهر رمضان، لعدم توجه خطاب الصوم إليه، فلو كان شهر رمضان تسعة وعشرين يوما يحسب في حق هذا الشخص ثمانية وعشرين يوما.
وأما النهي عن اتباع الظن والشك في الصوم فيراد به النهي عن متابعة غير الحجة من الظن غير المعتبر والرأي والشك كما في جملة من الروايات، فهو تعريض بمن يعمل بالرأي ونحوه، ولا يدل على موضوعية العلم أصلا، فلاحظ.
وقد ظهر مما ذكرنا: أن وجوبصوم يوم الشك في آخر شهر رمضان يستفاد من نفس المكاتبة، فان قوله عليه السلام: (وأفطر للرؤية) يدل على وجوبالصوم إلى رؤية هلالشوال، وهذا هو مقتضى الاستصحاب. وعليه فلا إشكال على