منتقى الأصول - تقرير بحث الروحاني ، للحكيم - ج ٦ - الصفحة ٢٥٠
المحرز غير معتبر. بيان ذلك: ان المعتبر انما هو اتصال زمان المشكوك بما هو مشكوك بزمان المتيقن بما هو متيقن، وليس المعتبر اتصال زمان ذات المشكوك بزمان ذات المتيقن، لان تحقق ركني الاستصحاب لا يتوقف على ثبوت المتيقن والمشكوك واقعا، بل انما يتوقف على حصول اليقين والشك، وكون المتيقن حاصلا في أفق اليقين والمشكوك حاصلا في أفق الشك، ولو لم يكن لهما ثبوت واقعي أصلا. وإذا ثبت ان الأثر انما يترتب على المتيقن والمشكوك بما هو متيقن مشكوك، كان المعتبر هو اتصال زمان المشكوك بما هو مشكوك بالمتيقن بما هو متيقن، وهو محرز لان المشكوك هو عدم الموت في زمان الاسلام، وهذا الشك حاصل في الآن الثاني، إذ لو التفت الانسان في الآن الثاني إلى عدم الموت في زمان الاسلام، فاما ان يحصل له اليقين به أو بخلافه أو يشك فيه. والفرضان الأولان منتفيان فيثبت الثالث وهو الشك، فالآن الثاني زمان الشك أيضا، فلا ينفصل زمان الشك عن زمان اليقين، واليقين بزمان الحادث الاخر لم يؤخذ جزء لموضوع الأثر وإلا لكان الموضوع معلوم الارتفاع لا مشكوكه - كي تكون الشبهة مصداقية -، لعدم اليقين بزمان الحادث الاخر، ومعه لا يتحقق أحد جزئي الموضوع، فيعلم ارتفاعه (1).
ويورد عليه (2): ان عدم الموت في زمان الاسلام اما ان يؤخذ بنحو العام

(١) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ٣ / ١٠٩ - الطبعة الأولى.
(٢) المناقشة فيما أفاده (قده) يتم ببيان أمرين:
الأول: إن ما يكون دخيلا في موضوع الحكم تارة يكون دخيلا فيه بنحو تقييد بان يكون الموضوع هو الحصة الخاصة المقيدة به. وأخرى يكون دخيلا فيه بنحو الجزئية بان يكون الموضوع مركبا منه ومن الجزء الاخر. ويترتب على الأول: أنه لا يعتبر في ترتب الحكم سوى إحراز الحصة الخاصة فلا يلزم إحراز القيد نفسه.
نعم يكون إحرازه قهريا فيما كان إحراز الحصة الخاصة بالوجدان.
وأما إذا كان بالتعبد، فهو لا يلازم إحراز نفس القيد، ولا يلزم إحرازه لان الأثر يترتب على نفس ثبوت الحصة الخاصة تعبدا. ويترتب على الثاني: انه لا يعتبر في ترتب الحكم إحراز كلا جزئي الموضوع، ولذا يتعدد التعبد مع عدم احرازهما بالوجدان، وأما في صورة التقييد فلا يتعدد التعبد بل يكون هناك تعبد واحد بالمقيد.
وجملة القول: قيد الموضوع لا يعتبر إحراز في ترتب الحكم، وإنما يلزم إحراز التقيد به. وأما جزء الموضوع فهو مما يعتبر إحرازه في ترتب الأثر.
الثاني: أن الأثر:
تارة: يكون مترتبا على الوجود الخاص للشئ بحيث تكون الخصوصية قيدا للوجود، فاستصحاب عدمه يكون المقصود منه نفي الأثر المرتب على الوجود.
وأخرى: يكون مترتبا على العدم الخاص بحيث تكون الخصوصية قيدا للعدم، فيكون المقصود في استصحاب العام ترتيب الأثر.
فالفرق: أن استصحاب العدم في القسم الأول لنفي الموضوع. وفي الثاني لاثباته وموارد ترتب الأثر على العدم الخاص كثيرة في العرفيات والشرعيات. ولا يخفى أنه في القسم الأول يمكن إجراء استصحاب العدم مع الشك في الخصوصية، إذ الوجود الخاص مسبوق بالعدم فيستصحب عدمه. وأما في القسم الثاني مما كانت الخصوصية قيد للنفي لا للمنفي. فيشكل جريان استصحاب العدم في مورد الحادثين المجهولي التاريخ، لان العدم المقيد بالخصوصية المجهول تاريخهما ليس له حالة سابقة، إذ لم يكن متحققا مع الخصوصية في زمان كي يستصحب، ولا الخصوصية مسبوقة بالعدم كما لا يخفى.
إذا عرفت ذلك فيقع الكلام فيما نحن فيه مما كان الأثر الشرعي مترتبا على عدم كل من الحادثين في زمان الاخر، ومثاله الصحيح: هو ماذا قسمت تركة المورث وأسلم الوارث وشك في المتقدم منهما. فان عدم القسمة إلى زمان الاسلام يترتب على إرث المسلم. وعدم الاسلام إلى زمان القسمة يترتب عليه محروميته من الإرث، فالأثر يترتب على عدم كل منهما في زمن الاخر.
وقد عرفت أنه (قده) فرض موضوع الأثر هو عدم الاسلام إلى زمان القسمة وبالعكس وأجرى استصحابه في الآن الثاني لأنه مشكوك بعد اليقين به سابقا. وظاهر ذلك أنه لا حظ الموضوع هو العدم المقيد بزمان القسمة. ويرد عليه..
أولا: إن الأثر لا يترتب على العدم الخاص، بلا دخل للخصوصية بل هو يترتب على العدم مع الخصوصية فالموضوع مركب من جزئين لا مقيد، إذ من الواضح أن عدم القسمة لا يترتب عليه الإرث ما لم ينضم إليه الاسلام كما أن عدم الاسلام لا يترتب عليه المحرومية من الإرث ما لم ينضم إليه تحقق القسمة وعليه فمجرد استصحاب عدم أحدهما في زمان الاخر في الآن الثاني لا ينفع في ترتب الأثر ما لا ينضم إليه إحراز الجزء الاخر.
وثانيا: لو فرض - جدلا - أن الموضوع هو عدم أحدهما في زمان الاخر بنحو التقييد، فهو من موارد كون التقييد راجعا إلى العدم نفسه، فان موضوع الأثر هو العدم الخاص لا الوجود الخاص.
ومن الواضح أنه لا حالة سابقة له كما عرفت في الامر الثاني فلا يمكن إجراء الاستصحاب فيه، ولو كانت له حالة سابقة بان فرض تحقق العدم في زمان الاخر كان الأثر مترتبا عليه من السابق فلا حاجة إلى الاستصحاب. فما أفاده فيما نحن فيه من إجراء الاستصحاب في العدم الخاص مما لا ينبغي صدوره من مثله ممن هو علم في التحقيق والتدقيق.
(٢٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 245 246 247 248 249 250 252 253 254 255 256 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الاستصحاب تعريف الاستصحاب 8
2 مناقشة التعاريف 10
3 التعريف المختار 11
4 الاستصحاب مسألة أصولية أو لا؟ 13
5 الفرق بين الاستصحاب وقاعدتي اليقين، والمقتضي والمانع 14
6 تقسيمات الاستصحاب 15
7 نفي جريان الاستصحاب في الحكم الشرعي المستفاد من العقل 16
8 تصحيح الوجه الثالث وتعميمه للشبهة الموضوعية المصداقية 20
9 تعميم النفي للأحكام الوجودية والعدمية 22
10 الايراد على الشيخ والأصفهاني 23
11 تقريب جريان استصحاب العدم في مورد النسيان 24
12 اعتبار فعلية الشك والمناقشة فيه 26
13 أدلة الاستصحاب 33
14 الاستدلال بالأخبار 37
15 صحيحة زرارة الأولى 37
16 محتملات مفاد الصحيحة 38
17 في الاحتمال الأرجح 45
18 التفصيل بين الشك في المقتضي والرافع 50
19 معنى النقض 50
20 المختار في معنى النقض 53
21 مناقشتنا للكفاية في معنى النقض 57
22 امتناع تعلق النقض باليقين 58
23 امتناع تعلق النقض باليقين اثباتا 61
24 المجعول هو المتيقن لا اليقين 64
25 الاستصحاب في الشبهة الموضوعية 65
26 المختار في دفع الاشكال في جريان الاستصحاب المذكور 71
27 الاستصحاب في الأحكام الكلية 74
28 عدم الأثر لاستصحاب عدم الجعل 76
29 مناقشة كلام العراقي 78
30 عدم قابلية الجعل وعدمه للتعبد بهما 81
31 امتناع التعبد بعدم التكليف 83
32 هل الجعل يتبع المجعول سعة وضيقا 84
33 الاستصحاب في الأحكام الترخيصية والوضعية 90
34 صحيحة زرارة الثانية 90
35 الاستدلال بالفقرة الأولى 91
36 جعل الفقرة من التعليل بالصغرى 103
37 منع إفادة الفقرة لقاعدة اليقين 106
38 الاستدلال بالفقرة الثانية 107
39 صحيحة زرارة الثالثة 107
40 رواية الخصال 117
41 مكاتبة القاساني 120
42 رواية عمار 124
43 الأحكام الوضعية 133
44 الكلام في سبب التكليف وشرطه ونحوهما 134
45 منع جعل السببية استقلالا 134
46 الايراد على وجهي الكفاية 135
47 السببية منتزعة عن خصوصية واقعية 138
48 الكلام في جزء المأمور به وشرطه ونحوهما 141
49 استشكال العراقي الشرطية 142
50 في جريان الأصل في الجزئية وعدمه 143
51 الكلام في الحجية والملكية ونحوهما 146
52 الاشكال ثبوتا في جعل الملكية استقلالا 148
53 البحث عن مجعولية الصحة والطهارة ونحوهما 149
54 تنبيهات الاستصحاب التنبيه الأول: في جريان الاستصحاب في مودي الأمارات 151
55 التبيه الثاني: في استصحاب الكلي 159
56 استصحاب الفرد المردد 160
57 القسم الأول من استصحاب الكلي 166
58 القسم الثاني من استصحاب الكلي 166
59 استصحاب الكلي في الأحكام 171
60 الشبهة العبائية 174
61 تحقيق الحق في الشبهة 176
62 القسم الثالث من استصحاب الكلي 179
63 القسم الرابع من استصحاب الكلي 180
64 التنبيه الثالث: في استصحاب الأمور التدريجية 182
65 استصحاب الزمان وجهات الاشكال فيه 182
66 استصحاب الحكم في الفعل المقيد بالزمان 191
67 التنبيه الرابع: في استصحاب الأمور التعليقية 194
68 معارضة الاستصحاب التنجيزي للتعليقي 204
69 المختار في دفع اشكال المعارضة 208
70 الاستصحاب التعليقي في الموضوعات 210
71 التنبيه الخامس: في استصحاب عدم النسخ 211
72 التنبيه السادس: في الأصل المثبت 211
73 الأصل المثبت مع خفاء الواسطة 216
74 المناقشة في استثناء صورة وضوح الملازمة 218
75 الشك في أول الشهر وجريان الأصل فيه 221
76 الحكم بتضمين اليد المشكوك ضمانيتها 224
77 الامارات المثبتة 226
78 التنبيه السابع: جهات تتعلق بالأصل المثبت 229
79 الأثر المترتب على الأمر الانتزاعي 230
80 المنع في استصحاب عدم التكليف 232
81 التنبيه الثامن: حكم ما إذا كان اللازم لازما للأعم من الوجود الواقعي والظاهري 234
82 التبيه التاسع: اعتبار كون المستصحب مجعولا في مرحلة البقاء فقط لا الحدوث 235
83 التبيه العاشر: أصالة تأخر الحادث - مجهولي التاريخ 236
84 في اعتبار اتصال زمان الشك بزمان اليقين 243
85 المحاذير المختارة لعدم جريان الاستصحاب 257
86 جهالة تاريخ أحد الحادثين 265
87 تعاقب الحادثين المتضادين 272
88 جهالة تاريخ أحد الحادثين المتضادين 276
89 كلام للمحقق النائيني في المقام 277
90 التنبيه الحادي عشر: استصحاب الأمور الاعتقادية 290
91 استصحاب النبوة والإمامة 300
92 الايراد على تشبث الكتابي باستصحاب نبوة نبيه 301
93 التنبيه الثاني عشر: في استصحاب حكم المخصص 303
94 حول صورة لحاظ الزمان ظرفا 304
95 تلخيص كلام المحقق الأصفهاني 306
96 مناقشة مع المحقق الأصفهاني 309
97 التبيه الثالث عشر: في بيان المراد من الشك في الأخبار 316
98 استصحاب الصحة 318
99 استصحاب الهيئة الاتصالية 332
100 القاطع والمانع هل يختلفان أثرا؟ 335
101 هل الناقض قسم آخر غير المانع والقاطع 338
102 استصحاب الوجوب مع تعذر بعض أجزاء المركب 340
103 التفصيل بين تعذر الجزء قبل تنجيز التكليف وبعده 341
104 خاتمة: في شروط الاستصحاب اعتبار بقاء الموضوع وتفسير مفرداته 345
105 المختار في تفسير كلام الشيخ قدس سره 355
106 المختار في حكم الفرض المذكور 356
107 عدم جريان الاستصحاب في الموضوع 359
108 التفصيل في جريان الاستصحاب في الحكم 362
109 ما اختير من الطرق في تعيين الموضوع 370
110 هل يفرق في الاستحالة بين نجس العين وبين المتنجس 376
111 هل تستفاد قاعدة اليقين من أخبار الاستصحاب 380
112 الوجوه المختارة في امتناع استفادة القاعدة 390
113 الثالث من شروط الاستصحاب: أن يكون البقاء مشكوكا 394
114 الحكومة ضابطها وتعريفها 396
115 المراد من النظر ومن التفرع 402
116 وجه تقديم الحاكم على المحكوم وكذا أخواته 405
117 الوجه المختار في التقديم 412
118 تقديم الامارة على الاستصحاب بملاك الورود 417
119 دعوى التقديم بملاك الحكومة 422
120 تذييل: الالتزام بالورود انما يلتزم به في صورة قيام الامارة على الخلاف 435
121 ثمرة التذييل 437