المعنى، ولا بد في جريان الاستصحاب فيها من ترتب أثر عملي عليها. وهو اما تحصيل المعرفة واليقين. أو حصول الاعتقاد. فعلى الأول يمتنع الاستصحاب، لأنه لا يقوم مقام اليقين المأخوذ في المقام على نحو الصفتية. وعلى الثاني يجري الاستصحاب بناء على امكان تحقق الاعتقاد مع الشك وعدم ملازمته لليقين. كما أنه يمكن جريانه فيها للالتزام بها ظاهرا - كما تقدم عن المحقق العراقي -.
واما النبوة، فهي أيضا أما ان تكون من الصفات النفسانية أو المناصب المجعولة كأداء الرسالة وتبليغ الاحكام. ولا شك فيها بالمعنيين أصلا بعد الموت.
لأنها بالمعنى الأول يعلم ببقائها بعده. وبالمعنى الثاني يعلم بارتفاعها بالموت، فلا شك فيها أصلا، فلا مورد للاستصحاب. والشك في النبوة بالمعنى الثاني وان كان يحصل من جهة الشك في الموت، ولكنه خارج عن محل الابتلاء.
ولو تنزلنا وقلنا يتحقق الشك فيها بنحو ما، فأثرها العملي اما بوجوب الاعتقاد أو استمرار شريعة النبي.
اما على الأول، فجريان الاستصحاب يتوقف على القول بمجامعة الاعتقاد للشك.
واما على الثاني، فلا ترتب لان استمرار الشريعة غير مترتب على بقاء النبوة ببقائه، إذ من يلتزم بان النبوة بالمعنى الثاني يقول باستمرار الشريعة بعد الموت ولا يقول بارتفاعها به، فلا يجري الاستصحاب.
ومما ذكرنا تعرف انه لا مجال لتمسك الكتابي باستصحاب نبوة نبيه، وقد ذكر في جوابه وجوه متعددة:
الوجه الأول: ان تمسكه بالاستصحاب لا يخلو اما أن يكون لاجل اقناع نفسه، أو لاجل إلزام المسلمين، أو لاجل دفع كلفة الاستدلال عن نفسه. وان الدليل لا بد أن يكون على مدعى الدين الجديد، لان الدين إذا ثبت فهو مستمر بمقتضى الطبيعة والقاعدة حتى يثبت خلافه وهذا هو معنى الاستصحاب.