وأما في الثاني: فلان دعوى الظن بالبقاء ترجع إلى دعوى الظن بعدم الرافع، وهي تبتني على دعوى غلبة عدم الرافع في موارد تحقق الموجودات، وهذه الدعوى لا وجه لها ولا مستند تستند عليه، فهي دعوى جزافية، مع أنها لا تتأتى في ما إذا كان الشك في رافعية الموجود، الذي هو من أقسام الشك في الرافع.
الدليل الثالث: الاجماع فقد حكي عن المبادي أنه قال: " الاستصحاب حجة لاجماع الفقهاء على أنه متى حصل حكم ثم وقع الشك في أنه طرء ما يزيله أم لا، وجب الحكم ببقائه على ما كان أولا، ولولا القول بان الاستصحاب حجة لكان ترجيحا لاحد طرفي الممكن من غير مرجح " (1)، كما نقل عن غيره.
والاشكال في هذا الوجه واضح كما في الكفاية (2).
إذ الاجماع - ويراد به اصطلاحا الاتفاق المستكشف منه قول المعصوم (عليه السلام)، لا مجرد الاتفاق الحاصل بين الفقهاء - اما محصل أو منقول، وكلاهما لا أساس له ههنا.
أما المحصل: فتحققه ممنوع في مثل هذه المسالة مما اختلفت فيها المباني والوجوه، فإنه لا يكون تعبديا كاشفا عن قول المعصوم (عليه السلام)، مع تحقق الخلاف من كثير، حيث ذهبوا إلى منع حجيته.
وأما المنقول: فهو مضافا إلى عدم حجيته في نفسه، غير تام للعلم بثبوت الخلاف كما عرفت.
والمتحصل: ان جميع هذه الوجوه لا تنهض لاثبات حجية الاستصحاب والعمدة في الاستدلال عليه هو النصوص المتعددة:
منها: صحيحة زرارة قال: " قلت له: الرجل ينام وهو على وضوء أتوجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء؟. فقال (ع): يا زرارة قد تنام العين ولا ينام القلب