كما سيتضح في بيان ما ذكره من الوجه في تقديم الدليل الوارد على المورود.
واما الحكومة، فقد وقع الكلام في بيان ضابطها وتعريفها.
والذي ذكره الشيخ في هذا المقام: ان معنى الحكومة - على ما سيجئ في باب التعادل والترجيح -. ان يحكم الشارع في ضمن دليل بوجوب رفع اليد عما يقتضيه الدليل الاخر لولا هذا الدليل الحاكم. أو بوجوب العمل في مورد بحكم لا يتقضيه دليله لولا الدليل الحاكم. وحاصله: تنزيل شئ خارج عن موضوع دليل منزلة الموضوع في ترتيب احكامه عليه، أو داخل في موضوع منزلة الخارج منه في عدم ترتيب احكامه عليه (1).
واما ما ذكره في مبحث التعادل والترجيح فهو: ان ضابط الحكومة أن يكون أحد الدليلين بمدلوله اللفظي متعرضا لحال الدليل الاخر ورافعا للحكم الثابت بالدليل الاخر عن بعض افراد موضوعه فيكون مبينا لمقدار مدلوله، مسوقا لبيان حاله مفرعا عليه - يعني: إنه لولا الدليل المحكوم لكان الدليل الحاكم لغوا (2) -.
ولا بد في بيان المراد من هذه العبارة من بيان ما تحتمله العبارة، وهو وجهان:
الأول: ان يراد ان الدليل الحاكم ما كان ناظرا إلى الدليل الاخر في مقام دلالته على المراد، فيكون تارة مضيقا لدائرة دلالته. وأخرى موسعا لها. كما إذا قال: " أكرم العلماء " ثم قال: " أعني: بالعلماء الفقهاء ". فان الدليل الثاني ناظر إلى مقام دلالة الدليل الأول ومضيق لها.
الثاني: ان يراد ان الدليل الحاكم ما كان ناظرا إلى نفس الحكم مع قطع النظر عن دلالة الدليل عليه ومقدارها، فيكون النظر إلى المدلول بذاته لا بما أنه مدلول للدليل.