يختلف الحال فيه بين أن يكون وجود الحكم أو عدمه، لان عدم التكليف بيد الشارع كثبوته، ولا يعتبر في الاستصحاب أكثر من أن يكون المجعول بيد الشارع رفعا ووضعا، سواء كان حكما أو لم يكن.
وعليه، فلا مانع من استصحاب عدم التكليف في اثبات البراءة.
ولا وجه لاستشكال الشيخ (رحمه الله) فيه: بان عدم استحقاق العقاب في الآخرة الذي يراد ترتيبه عليه ليس من اللوازم المجعولة (1).
والسر في عدم صحة هذا الاشكال: ان عدم استحقاق العقوبة وإن لم يكن بمجعول، إلا أنه لا حاجة إلى ترتيب أثر مجعول بعد أن كان المستصحب بنفسه مما أمره بيد الشارع، فيجري فيه الاستصحاب ويترتب عليه عدم الاستحقاق، لأنه من لوازم عدم المنع أعم من الواقعي والظاهري. هذا ما أفاده في الكفاية (2).
ولا يخفى عليك انه كان ينبغي الحاق هذا المبحث بمبحث الأصل المثبت، لأنه من شؤونه ومتفرعاته، لا جعله مبحثا مستقلا برأسه.
وكيف كا نفلا بد من التعرض إلى كل جهة من جهات كلامه على حده، فنقول:
اما الجهة الأولى: فهي على ما يبدو لا تخلو عن غموض في المراد، بحيث يكون له صورة وجيهة. وذلك لان الصور المتصورة في دخالة العنوان الانتزاعي في ترتب الحكم متعددة، لان موضوع الأثر إما وجود العنوان بما هو، كوجود عنوان الفوق والتحت والأب والابن وغير ذلك. واما وجود الذات مع الخصوصية التي ينتزع عنها العنوان الخاص.
واما الذات التي ينطبق عليها العنوان الخاص.