تنبيهات الاستصحاب التنبيه الأول: في جريان الاستصحاب في مؤدى الامارات.
وهذا التنبيه انفرد به صاحب الكافية عمن قبله، ومنشأ الاشكال في إجراء الاستصحاب فيما قامت الامارة على حدوثه هو: ان ظاهر دليل الاستصحاب هو اعتبار اليقين بالحدوث والشك في البقاء، والحكم الواقعي الذي قامت عليه الامارة لا يقين به، فمع الشك في بقائه لا يمكن استصحابه لاختلال أحد ركني الاستصحاب. مثلا لو قامت الامارة على وجوب احترام زيد وشك في أن وجوب احترامه مستمر إلى ثلاثة أيام أو هو ثابت في يومين. فقط، ففي اليوم الثالث يشك في بقاء الوجوب، والامارة لا تصلح لاثباته لأنها مجملة من هذه الناحية، فليس هنا الا الاستصحاب وقد عرفت الاشكال فيه.
ولا يخفى عليك ان مبنى الاشكال على عدم قيام الامارة - بدليل اعتبارها - مقام القطع الموضوعي. وإلا فلا اشكال، إذ الأثر الشرعي الثابت لليقين بالحدوث، وهو حرمة النقض، ثابت للامارة بحسب الفرض، فقيام الامارة على الحدوث يجدي في الاستصحاب لأنها بمنزلة اليقين.
واما بناء الاشكال على عدم تكفل دليل الاعتبار جعل المؤدى وانشاء احكام ظاهرية شرعية، بل تكفله التنجيز والتعذير لا غير - كما يظهر من الكفاية -، فليس بسديد، وذلك لان الحكم الظاهري الثابت يقينا بالامارة ارتفع يقينا بارتفاع سببه، وهو الامارة، فإنه منوط بقيامها، وهي لم تقم على أكثر من زمان اليقين، والحكم الواقعي مشكوك الحدوث بحسب الفرض، وسيأتي توضيح الكلام في ذلك انشاء الله تعالى.