لا بواسطة التعبد بالملاقاة الأولى فقط، فتسليمه القاعدة مع وحدة السنخ دون اختلافه مبني على الخلط بين الأثر بمعنى المعلول والأثر بمعنى الحكم.
وقد تقدم منا الكلام في تطبيق هذه القاعدة في المقام وانه لا محصل له أصلا.
ثم إن الشيخ (رحمه الله) استثنى من عدم حجية الأصل المثبت ما لو كانت الواسطة خفية بنظر العرف، بحيث يعد العرف الأثر المترتب على الواسطة مترتبا على المستصحب مباشرة ومن احكامه، فيكون عدم ترتيبه نقضا لليقين بالشك. ومثل له باستصحاب الرطوبة في الملاقي - بالفتح - لاثبات نجاسة ملاقيه، مع أن النجاسة من اثار السراية عرفا لا مجرد رطوبة الملاقي، والسراية والتأثر برطوبة الملاقي من لوازم رطوبته، لكنها من اللوازم الخفية (1).
وقد تابعه على ذلك صاحب الكفاية وأضاف عليه صورة جلاء الواسطة ووضوحها بنحو يمتنع التفكيك عرفا بين المستصحب والواسطة تنزيلا، كما لا تفكيك بينهما واقعا، ويكون التعبد بأحدهما تعبدا بالاخر، ومثل له بمثالين:
الأول: العلة التامة والمعلول، فان التعبد بالعلة مستلزم للتعبد بالمعلول.
والثاني: المتضائفان كالأبوة والبنوة، فان التعبد بالأبوة تعبد بآثار البنوة أيضا، لوضوح الملازمة بينهما (2).
واستشكل المحقق النائيني (قدس سره) في ذلك ببيان: ان العرف انما يكون متبعا في تعيين مفاد الدليل، فقد يفهم العرف من دليل الحكم ثبوته للأعم أو الأخص، كما يكون متبعا في تشخيص ما هو مقوم للموضوع وما هو من حالاته ومن الجهات التعليلية بحسب مرتكزاته، وما يراه من مناسبات الحكم والموضوع، ليتحقق بقاء الموضوع عند زوال تلك الخصوصية على الثاني دون الأول، ويكون الرجوع إلى العرف في ذلك باعتبار انه الرجوع إليه في تعين مفاد لفظ النقض الوارد في أدلة الاستصحاب.