الثاني: ان عدم الجعل مما يمكن أن يكون موردا للتعبد الشرعي والا لم يصح ان يجري فيه الاستصحاب، لأنه ليس بمجعول شرعي وليس بموضوع شرعي لاثر شرعي.
الثالث: ان الجعل يختلف سعة وضيقا باختلاف المجعول سعة وضيقا والا فلو فرض انه بنحو واحد كان المجعول متسعا أو ضيقا لم يجر استصحاب عدم الجعل فيما نحن فيه كما سيتضح انشاء الله تعالى.
وجميع هذه الأمور محل بحث وكلام، ولأجل ذلك لا بد من ايقاع البحث في جهات:
الجهة الأولى: في أن استصحاب عدم الجعل هل يمكن ان يجري في نفسه لترتب اثر عملي عليه أو لا؟.
وقد ذهب المحقق النائيني (رحمه الله) إلى الثاني، ببيان: ان الآثار العملية العقلية من لزوم الإطاعة والتنجيز ونحوها انما يترتب على الحكم المجعول الفعلي بفعلية موضوعه، واما الجعل بنفسه فلا يترتب عليه أي اثر عملي.
وعليه، فيكون التعبد بعدم الجعل لغوا، لعدم أثر عملي مترتب عليه، فلا يصح جريان الاستصحاب فيه لوضوح ان التعبد الاستصحابي انما هو بلحاظ الأثر العملي.
نعم، يترتب على الجعل اثر بواسطة ثبوت المجعول به، لكن ترتب ذلك بالملازمة، فيكون الاستصحاب بلحاظه مثبتا. اذن فلا يجري استصحاب عدم الجعل، لأنه إما لغو، بملاحظة الأثر المترتب عليه مباشرة، إذ لا أثر له واما مثبت بملاحظة أثر المجعول لترتب المجعول على الجعل بالملازمة العقلية (1).
وقد رد المحقق العراقي هذا البيان بوجهين: