هذا تحقيق الكلام في هذه الجهة باختصار ولا تحتاج إلى إطالة.
واما ما تمسك به صاحب الكفاية في اثبات عدم كون مسالة الاستصحاب فقهية: بان مجراها قد يكون حكما أصوليا كالحجية (1).
فهو لا يخلو عن غرابة، إذ الشيخ (رحمه الله) قد تعرض إلى ذلك وبين انه قد يكون مجرى المسالة الفقهية مسالة أصولية كقاعدة نفي الحرج التي تجري في نفي الفحص عن المعارض للعموم إلى حد القطع بالعدم، كما انها تجري في نفي الاحتياط في مقدمات دليل الانسداد. (2) فتدبر.
الامر الرابع: في الفرق بين الاستصحاب وقاعدة اليقين وقاعدة المقتضي والمانع. فإنها جميعا تشترك في ثبوت اليقين والشك فقد يتخيل ان الدليل المتكفل لعدم نقض اليقين والشك يتكفل اعتبار هذه القواعد الثلاث، فلا بد من بيان خصوصيات الفرق بينها موضوعا.
ثم يبحث عن شمول دليل الاستصحاب لها أو أنه يختص بالاستصحاب.
فنقول: اما الاستصحاب فموضوعه: ان يتعلق اليقين بشئ ويتعلق الشك في بقائه من دون اعتبار تقدم اليقين زمانا وعدمه.
واما قاعدة اليقين فموضوعها: ان يتعلق اليقين بشئ في زمان معين ثم يشك بعد ذلك في نفس ذلك الشئ بلحاظ ذلك الزمان، كما إذا تعلق اليقين بعدالة زيد في يوم الجمعة ثم زال ذلك اليقين وشك في يوم الاثنين انه عادل يوم الجمعة أولا، ويعبر عنه بالشك الساري. فمتعلق اليقين والشك أمر واحد بجميع خصوصياته، وانما الاختلاف في زمان نفس اليقين والشك. على خلاف الاستصحاب، فان متعلق اليقين والشك يختلفان زمانا وان اتحدا ذاتا.