التنبيه الثالث: في استصحاب الأمور التدريجية.
لا يخفى ان الموجودات على نحوين: الموجودات القارة، وهي التي تتحقق بجميع اجزائها في آن واحد مثل زيد وعمرو، والموجودات التدريجية، وهي التي لا يكون لاجزائها تحقق دفعي وفي آن واحد، بل يكون وجودها تدريجيا بحيث يوجد كل جزء في ظرف انعدام ما قبله كالمشي والكلام ونحوهما.
ولا اشكال في جريان الاستصحاب في الأمور القارة لتحقق أركانه. وانما وقع البحث في جريانه في الأمور التدريجية، لاجل الاشكال في تحقق أركانه، وذلك لأنه بعد أن كان وجود الامر التدريجي بنحو التدريج بحيث يوجد كل جزء منه ويتصرم ثم يوجد جزء آخر منه وهكذا لم يتحقق الشك في البقاء بالنسبة إليه، لان ما تعلق به اليقين وهو الجزء السابق مما انعدم وتصرم قطعا، والجزء اللاحق مشكوك الحدوث، لان الجزء في كل آن وظرف غير الجزء في ظرف آخر، ومثل ذلك لا يكون مشمولا لدليل الاستصحاب.
وقد تصدى الاعلام (قدس الله سرهم) لدفع هذا الاشكال واثبات صحة جريان الاستصحاب في التدريجيات، ولا بد من ايقاع البحث في مقامين:
المقام الأول: في جريان الاستصحاب في الزمان كالليل والنهار والشهر ونحوها.
والمقام الثاني: في جريانه في سائر الأمور التدريجية الواقعة في الزمان كالمشي والتكلم ونحوهما.
اما استصحاب الزمان: فالاشكال فيه من أربعة جهات:
الأولى: ما تقدم من الاشكال في الأمور التدريجية بقول مطلق، فان الزمان منها، فيتأتى فيه الاشكال.
وقد أجيب عنه بما محصله: ان المدار في باب الاستصحاب على صدق