وثانيا لو سلمنا عدم اختصاص العلم الاجمالي بغيرها، فغاية الامر صيرورتها من أطراف العلم الاجمالي، إذ لا يمكن دعوى العلم الاجمالي في خصوصها قطعا. وحينئذ نقول لا تأثير لهذا العلم الاجمالي بخروج بعض أطرافه عن محل الابتلاء.
(فان قلت) خروج بعض الأطراف عن محل الابتلاء انما يمنع عن تأثير العلم الاجمالي في العمل بالأصول. وأما الظواهر فالعلم الاجمالي قادح للعمل بها مطلقا، ولو كان بعض أطرافه خارجا عن محل الابتلاء. والسر في ذلك أن الملاك في العمل بالأصول هو الشك، فيعمل بها عنده، إلا أن يكون هناك مانع عقلي، وليس الا فيما يكون العلم الاجمالي بثبوت تكليف فعلى، بحيث يلزم من العمل بالأصول في الأطراف المخالفة القطعية. وفيما خرج بعض الأطراف عن محل الابتلاء، لم يكن التكليف الفعلي معلوما فلا مانع من العمل بالأصول. وأما الاخذ بالظواهر فملاكه الطريقية إلى الواقع المعلوم انتفاؤها عند العلم الاجمالي مطلقا.
(قلت) بناء العقلاء - في العمل بالظاهر المستقر على عدم الاعتناء بالعلم الاجمالي بمخالفة ظاهر - يحتمل ان يكون هو هذا العمل الظاهر الذي هو محل الابتلاء أو غيره مما لا يكون محلا للابتلاء (27). أترى ان
____________________
حجية ظواهر الكتاب (27) وأيضا يمكن أن يقال: إن أصالة عدم القرينة أو أصالة الظهور لا تجري في الطرف الخارج عن محل الابتلاء، فان المدار لو كان على الطريقية بمعنى الظن الشخصي، فذلك العلم الاجمالي مضر به، واما لو كان المدار على الأصلين المذكورين، وان لم يحصل ظن في مجراهما، فحيث لا اثر لجريانهما في الخارج عن محل الابتلاء، فيبقى مورد الابتلاء سليما.