إذا عرفت هذا فنقول إذا علمنا أن المتكلم كان في مقام تفهيم المراد، وعلمنا انه مع الالتفات لم ينصب قرينة تصرف اللفظ عن ظاهره، نقطع بان مراده هو ما يستفاد من ظاهر اللفظ، إذ لولا ذلك لزم الالتزام بأنه تصدى لنقض غرضه عمدا. وهذا مستحيل. ولا يختص ذلك بمورد يكون المتكلم حكيما، بل العاقل لا يعمل عملا يكون فيه نقض غرضه، سواء كان حكيما أم لا. وهذا واضح. فمتى شككنا في أن المتكلم أراد من اللفظ معناه الظاهر أو غير، فاما ان يكون الشك من جهة الشك في كونه في مقام التفهيم، وإما من جهة الشك في وجود القرينة، وإما من جهة كليهما.
فان كان منشأ الشك الشك في كونه في مقام تفهيم المراد، فلا اشكال في أن الأصل المعول عليه عند تمام العقلاء كونه في مقام تفهيم مراده.
وهذا الأصل لا شبهة لاحد منهم فيه، ولا ينافي ما ذكرنا، ما سبق في باب الاطلاق: من أن كون المتكلم في مقام البيان لابد وان يحرز من الخارج، وبدونه يعامل مع اللفظ معاملة الاهمال، لان الاطلاق امر زائد على مدلول اللفظ. وما ذكرناه هنا - من الأصل المتفق عليه - إنما هو بالنسبة إلى مدول اللفظ، فلا تغفل.
وان كان منشأه الشك في نصب القرينة، فهل لنا أصل يعتمد عليه أم لا؟ وعلى الأول فهل الأصل المعول عليه هو أصالة عدم القرينة أو أصالة الحقيقة؟ والثمرة بينهما تظهر فيما لو اقترن بالكلام ما يصلح لكونه قرينة، فعلى الأول يوجب اجمال اللفظ لعدم جريان أصالة عدم القرينة مع وجوده.
وعلى الثاني يؤخذ بمقتضى ما يستفاد من الوضع، حتى يعلم خلافه.
ومبنى الاشكال في المقام هو أنه هل الطريق إلى إرادة المتكلم عند العقلاء