أحدا من العقلاء يتوقف عن العمل بالظاهر الصادر من مولاه بمجرد العلم الاجمالي بمخالفة ظاهر مردد بين كونه ما صدر من مولاه وكونه ما صدر مولى آخر لعبده؟
واما العلم الاجمالي بورود المخصصات والمقيدات على عمومات الكتاب ومطلقاته، فالجواب عنه أنه إن ادعى العلم الاجمالي فيما بأيدينا من الامارات، فهو مانع عن العمل بالظواهر قبل الفحص. واما بعده فيعلم بخروج المورد من الأطراف. وإن ادعى ذلك في الواقع، فهو مانع عن العمل قبل الظفر بالمخصص والمقيد بالمقدار المعلوم بالاجمال. إما علما وإما من الطرق المعلوم حجيتها، إذ بعد الظفر كذلك ينحل العلم الاجمالي إلى العلم التفصيلي والشك البدوي، كما هو واضح.
(واما) كون القرآن مشتملا على المتشابه فالجواب عنه أن المتشابه لا يصدق على ماله ظاهر عرفا، ولو فرض الشك في شموله للظواهر، فلا يجدى النهى المتعلق بعنوان المتشابه، لان القدر المتيقن من مورده هو المجملات، فلا يصير دليلا على المنع في الظواهر.
فتلخص مما ذكرنا عدم دليل يقتضى خروج ظواهر الكتاب عن الحجية، فهي على حد غيرها باقية تحت قاعدة الحجية المستفادة من بناء العقلاء وامضاء الشارع، فلا تحتاج إلى الاخبار التي يدعى ظهورها في حجية ظواهر الكتاب، مع كون كلها أو جلها مخدوشا. هذا تمام الكلام في اعتبار الظواهر بعد الفراغ عن تشخيص نفس الظاهر.
واما تشخيص الظاهر والمتفاهم من معنى اللفظ فمحصل الكلام فيه أن الظن في تشخيص الظواهر إما ان يحصل من قول اللغوي واما من احراز مورد الاستعمال بضميمة أصالة عدم القرينة وكل منهما لا دليل على حجيته.