العقل الاحتياط، كاطراف العلم الاجمالي.
(اما القسم الثاني) فلا ينفع الواقع المشكوك فيه قطعا مطلقا، ضرورة أن من علم اجمالا بوجوب الظهر أو الجمعة عليه، فلم يأت بالظهر مثلا، وكان هو الواجب واقعا، يصح ان يعاقب عليه وان كان الدليل على عدم وجوبه موجودا في الواقع، بحيث لو اطلع عليه لكان حجة له على المولى.
(واما القسم الأول) فتارة يفرض بعد الفحص وعدم الظفر، وأخرى قبل ذلك، أما في الأول فالوجود الواقعي للدليل ليس له اثر في حقه قطعا، إذ ليس الوجود الواقعي للحكم الطريقي أقوى من الوجود الواقعي للحكم الأولى، فبعد الفحص وعدم الظفر بالحكم ولا بدليله، يحكم العقل بالبراءة قطعا.
وأما في الثاني: فهو على قسمين (تارة) يكون بحيث لو تفحص عن الدليل لظفر به. و (أخرى) لا يكون كذلك، فان قلنا بان الشك قبل الفحص كنفسه يصحح العقوبة على الواقع على تقدير الثبوت في كلا القسمين فوجود الدليل بحسب الواقع أيضا لا اثر له، لان المنجز فيما يكون الدليل موجودا في الواقع أيضا نفس الشك، وان قلنا بان المصحح للمؤاخذة ليس نفس الشك، بل وجود الدليل إن كان، بحيث لو تفحص عنه لظفر به هو المصحح، فالشاك مردد امره بين ان يكون له دليل يصل إليه بعد الفحص، فتصح عقوبته، أو لا يكون، فيقبح عقابه. ولما لم يكن جازما بقبح العقاب، يجب عليه عقلا الاحتياط أو الفحص، فالوجود الواقعي للدليل - لو كان بحيث لو تفحص عنه لظفر به - يثمر في حقه، لأنه به يؤاخذ ويعاقب على المخالفة.