من أنكر ذلك. ونحن قد بينا هناك - عدم امكان الجمع بين القاعدتين في تلك القضية - على نحو لا أظن أن يشتبه على أحد، بعد المراجعة. ومن أراد فليراجع.
وزاد دام بقاه في المقام: أنه لا يبعد أن يكون الامر ههنا أوضح، فان الشك المتعلق بما كان اليقين متعلقا به على قسمين:
(أحدهما) - ما يتعلق بعدالة زيد يوم الجمعة مثلا، وكان اليقين متعلقا بها، مع القطع بعدالته بعد اليوم أو فسقه.
(ثانيهما) - ما يتعلق بعدالته فيه وفيما بعده، فالنهي عن نقض اليقين بالشك يعم باطلاقه النقض بكل من الشكين، وقضية عدم نقضه بالثاني: المعاملة مع مشكوكه معاملة المتيقن بترتيب آثار العدالة عليه. وربما أيد ذلك بالاستدراك بقوله (ع): (ولكن تنقضه بيقين آخر) انتهى.
وفيه أن الشك في الحدوث والشك في البقاء شكان مستقلان، ومعاملة اليقين مع أحدهما لا تلازم معاملة اليقين مع الآخر، والاستدراك - بقوله (ع): (ولكن تنقضه بيقين آخر) بعد تسليم أن القضية متعرضة للشك في الحدوث - لا يدل الا على عدم رفع اليد عن اليقين بالحدوث الذي كان في الزمان الأول، إلا بيقين آخر بعدم الحدوث كذلك، ولا يدل على الحكم بالبقاء، كما لا يخفى.
هذا وقال شيخنا المرتضى قدس سره هذا المقام: (ثم لو سلمنا دلالة الروايات على ما يشمل القاعدتين، لزم حصول التعارض في مدلول الرواية المسقط له عن الاستدلال به على القاعدة الثانية، لأنه إذا شك فيما تيقن به سابقا (أعني عدالة زيد في يوم الجمعة) فهذا الشك معارض لفردين من اليقين:
(أحدهما) - اليقين بعدالته المقيدة بيوم الجمعة (الثاني) - اليقين بعدم عدالته المطلقة قبل يوم الجمعة، فتدل بمقتضى القاعدة الثانية على عدم نقض اليقين بعدالة زيد يوم الجمعة، باحتمال انتفائها في ذلك الزمان، وبمقتضى قاعدة الاستصحاب على عدم نقض اليقين بعدم عدالته قبل الجمعة، باحتمال حدوثها