في مقام الاظهار لفظا مطلقا، ولم يكن منصرفا إلى شئ من الخصوصيات، يحكم العرف بأن مراده في اللب هو المطلق، والا فلم يعلمنا إراداته الواقعية، وهو خلاف كونه في مقام اظهار ذلك.
نعم يمكن أن يقال في بعض الموارد: أن المتيقن - من كونه في مقام البيان - هذا المقدار، أعني المقدار المتيقن في مقام التخاطب، لكن ليس هذا في مثل المقام الذي هو بصدد اعطاء القاعدة الكلية، كما لا يخفى.
و (منها) - ما أفاده من أن إفادة الكل استيعاب تمام افراد الشئ تابعة لوجود مقدمات الحكمة فيه، فان الكل عند العرف يدل على استيعاب افراد ما يتلوه في القضية اللفظية، لا افراد ما يكون مرادا في اللب.
وبعبارة أخرى الاطلاق والعموم يردان على الشئ في عرض واحد، لا ان العموم يرد عليه بعد احراز الاطلاق. ولعمري هذا واضح عند العرف والعقلاء. وقد سمعنا ذلك مرارا من سيدنا الأستاذ طاب ثراه.
والذي يظهر لي اتحاد مفاد الأخبار، وأن المستفاد منها الأعم من الشك في وجود الشئ بعد انقضاء المحل، والشك في صحته كذلك، فهنا دعويان:
لنا للأولى ما سبق من اتحاد القضايا الواردة في هذا الباب بحسب الصورة، والعرف يفهم منها اتحاد المفاد، كما مر نظيره في النهى عن نقض اليقين بالشك.
وللثانية عموم الأدلة أو اطلاقها، مضافا إلى أن المستفاد أن ملاك عدم الاعتناء هو التجاوز عن المحل، وأن الفاعل حين العمل أذكر.
(فان قلت) لا يمكن ان يراد من القضية كلا الشكين من وجهين.
(أحدهما) أن إرادة الشك في الصحة مبتنية على ملاحظة وجود نفس الشئ، لان هذا الشك إنما يكون بعد الفراغ عن أصل وجود الشئ، وإرادة الشك في الوجود إنما تتصور فيما لم يكن وجود الشئ مفروغا عنه، والشئ الذي فرض متعلقا للشك لا يمكن أن يفرض محقق الوجود، ولا يفرض كذلك، لأنه من الجمع بين اللحاظين المتنافيين.