و (الثاني) - أنه يحتاج في ذلك إلى دليل آخر، ووجه الاحتياج - مع فرض أنه ليس موضوعا آخر، وأن الموضوع هو الموجود في الحالين - احتمال أن يكون الحكم في القضية دائرا مدار وجود اسم العنوان، بحيث يكون هو الواسطة في ثبوت حكمها لموضوعها حدوثا وبقاءا، فلا ينافي بقاء الموضع عدم الحكم.
وغالب الاحكام المستفادة من القضايا من قبيل الثاني، أعني أنه لو زال العنوان الذي كان الموضوع متصفا به، لم يكن الدليل الأول كافيا في اثبات الحكم.
ولعل ما اشتهر في ألسنتهم - من أن الاحكام تدور مدار الأسماء - محمول على الغالب لمقام الاثبات، بمعنى أن الأدلة المثبتة لحكم المسمى باسم يجوز التمسك بها لاثبات ذلك الحكم ما دام الاسم باقيا، وبعد زواله لا يجوز التمسك بها.
فائدة تناسب المقام وهي انه حكى عن بعض المتأخرين: انه فرق بين استحالة نجس العين والمتنجس، فحكم بطهارة الأول لزوال الموضوع، دون الثاني، لان موضوع النجاسة فيه ليس عنوان المستحيل أعني الخبث مثلا، وانما هو الجسم، ولم يزل بالاستحالة.
قال شيخنا المرتضى قدس سره بعد نقل هذا الكلام - (وهو حسن في بادي النظر، إلا أن دقيق النظر يقتضى خلافه، إذ لم يعلم أن النجاسة في المتنجسات محمولة على الصورة الجنسية وهي الجسم، وإن اشتهر في الفتاوى ومعاقد الاجماعات أن كل جسم لاقى نجسا مع رطوبة أحدهما فهو نجس، إلا أنه لا يخفى على المتأمل أن التعبير بالجسم لالقاء عموم الحكم لجميع الأجسام الملاقية من حيث سببية الملاقاة للتنجس، لا لبيان إناطة الحكم بالجسمية.
وبتقرير آخر الحكم ثابت لاشخاص الجسم، فلا ينافي ثبوته لكل واحد منها من حيث نوعه أو صنفه المتقوم به عند الملاقاة، فقولهم - كل جسم لاقى نجسا فهو نجس - لبيان حدوث النجاسة في الجسم بسبب الملاقاة، من غير تعرض للمحل الذي يتقوم به، كما إذا قال القائل: إن كل جسم له خاصية وتأثير، مع