ومن هنا يظهر الكلام على تقدير جعل النزاع في استحقاق العقوبة، وانه لا وجه لاستحقاق الفاعل - من حيث إنه فاعل لهذا الفعل الخارجي - العقوبة بعد عدم كونه محرما ولا قبيحا عقلا.
نعم قد يقال باتصاف بعض الأفعال - الموجودة في النفس مما هو موجب لتحريك الفاعل نحو الفعل - بالقبح، وبسببه يستحق موجده العقوبة.
بيان ذلك أن العفل الاختياري لابد له من مقدمات في النفس، بعضها غير اختيارية من قبيل تصور الفعل وغايته والميل إليه (12)، وبعضها اختيارية من قبيل الإرادة (13)، فما كان من قبيل الأول لا يتصف بحسن ولا قبح، ولا يستحق الشخص المتصف به مثوبة ولا عقوبة، ضرورة ان ما ذكر منوط بالافعال الاختيارية. وما كان منها من قبيل الثاني يتصف - في محل الكلام - بالقبح، كما أنه في الانقياد
____________________
(12) لا يقال: إذا كان الميل إلى الشئ غير اختياري، فكيف يقع الحب تحت الامر، كمحبة الله ومحبة الرسول وعترته (سلام الله عليهم أجمعين)؟
لأنه يقال: ذلك باختيارية مباديها، بالنظر إلى أفعال من امر بمحبته أو صفته، حتى يورث ذلك المحبة قهرا كما هو واضح.
(13) قد مر ان اختيارية الإرادة موقوفة على كونها عبارة عن حالة نفسانية توجد بعد تصور الفعل ونفعه وعدم المانع له، وتارة توجد بعد تصور نفع في نفسها، وان لم يكن في المراد مصلحة أصلا، كما أنه قد يمنع من تحققها تصور مفسدة أقوى من مفسدة ترك المراد. واختياريتها بهذا المعنى لا يحتاج إلى دليل، وبذلك يقع تحت الامر، مثلا: لو نذر أحد قصد إقامة العشرة في مكان، وجب عليه العزم وقصد الإقامة، وكذلك يقع قيدا للمطلوب، كما في العبادات، ولولا اختياريتها لما صح ذلك.
لأنه يقال: ذلك باختيارية مباديها، بالنظر إلى أفعال من امر بمحبته أو صفته، حتى يورث ذلك المحبة قهرا كما هو واضح.
(13) قد مر ان اختيارية الإرادة موقوفة على كونها عبارة عن حالة نفسانية توجد بعد تصور الفعل ونفعه وعدم المانع له، وتارة توجد بعد تصور نفع في نفسها، وان لم يكن في المراد مصلحة أصلا، كما أنه قد يمنع من تحققها تصور مفسدة أقوى من مفسدة ترك المراد. واختياريتها بهذا المعنى لا يحتاج إلى دليل، وبذلك يقع تحت الامر، مثلا: لو نذر أحد قصد إقامة العشرة في مكان، وجب عليه العزم وقصد الإقامة، وكذلك يقع قيدا للمطلوب، كما في العبادات، ولولا اختياريتها لما صح ذلك.