الظاهر (1) جريان البراءة العقلية والشرعية فيه، لرجوع الشك فيه إلى الأقل والأكثر، فإن التكليف بوجوب الاجتناب عن نفس الأعيان النجسة معلوم، وشك في أن الوجوب هل هو متعلق بها على نحو وخصوصية يقتضي وجوب الاجتناب عن ملاقي بعض الأطراف أم لا؟
وبعبارة أخرى: تكليف المولى بوجوب الاجتناب عن النجس معلوم، وكونه بحيث يكلف العبد بوجوب الاجتناب عن الملاقي مشكوك فيه، ألا ترى أنه لو لم يدل دليل على وجوب الاجتناب عن ملاقي النجس لم تكن نفس الأدلة الدالة على وجوب الاجتناب عن الأعيان النجسة حجة على المكلف لقصورها عن إفادة ذلك؟!
نعم لو ادعى أحد أن وجوب الاجتناب عن الملاقي إنما هو بحكم العقل، وأنه من كيفيات إطاعة وجوب الهجر للرجز، لكان للاحتياط عند الشك (1) والتحقيق أن يقال: إن الاشتغال متقوم بتعلق العلم الإجمالي بتكليف واحد مقتض للاجتناب عن النجس وملاقيه، فيكون علم إجمالي واحد متعلق بتكليف واحد مع هذا الاقتضاء، ومع التردد في أن الحكم على الأعيان النجسة كذلك أولا، لا يمكن تنجيز العلم الإجمالي الأول للتكليف مع تلك الخصوصية المشكوك فيها، والعلم الإجمالي الثاني - على فرضه - غير منجز كما مر سابقا (أ) ومع عدم تمامية حجة المولى وعدم منجزية العلم الإجمالي للخصوصية تجري البراءة العقلية والشرعية، لعدم المانع في الثانية بعد جريان الأولى، فتبصر. فما في تقريرات العلمين (ب) غير وجيه جدا. [منه قدس سره] (أ) انظر صفحة: 239 من هذا الكتاب.
(ب) فوائد الأصول 4: 86، نهاية الأفكار - القسم الثاني من الجزء الثالث:
365 - 366.