(أقول): مراد المحقق الخراساني هو ان مثل قوله: (كل شئ نظيف) جعل للطهارة، وبمقتضاه يوسع دائرة الاشتراط، فالعمل (وان انكشف الخلاف) قد وجد واجدا لشرائطه فيجزى. واما الامارة فلا تحكى الا الواقع من دون أن يكون في البين جعل لمؤديها، فإذا حكت الطهارة ثم انكشف الخلاف ينكشف عدم الطهارة واقعا، والمفروض عدم جعلها ظاهرا أيضا فلا مجال للاجزاء. وعلي هذا فكلام بعض الأعاظم لا يغنى عن جوع، ولا يثبت به كون الامارة كالأصل فضلا عن الأولوية.
(نعم) أصل الاشكال وارد على المحقق الخراساني ولذا عممنا البحث، فان الدليل الحاكم بوجوب الاخذ بخبر الثقة الذي قام على عدم جزئية شئ أو شرطيته للصلاة، أو قام على تحقق الجزء أو الشرط، يتبادر من هذا الدليل ان المكلف إذا اقتصر في امتثال الامر الصلاتي على ما اقتضاه ودل عليه خبر الثقة فقد عمل وظيفته وصار عمله منطبقا لعنوان المأمور به وخرج بذلك من كونه تاركا للصلاة، ولازم ذلك هو الاجزاء.
(واما ما ذكره شيخنا الاستاد) المحقق الخراساني، من الفرق بين مفاد الأصل و الامارة (ففيه) ان الامارات كخبر الواحد والبينة وأمثالهما وان كانت بلسان حكاية الواقع، ولكنها بأنفسها ليست احكاما ظاهرية بل الحكم الظاهري عبارة عن مفاد دليل حجية الامارة الحاكمة بوجوب البناء عليها، ولسان أدلتها هي بعينها لسان أدلة الأصول (وبعبارة أخرى) فرق بين نفس ما تؤدى عنه الامارة وتحكيه وبين ما هو المستفاد من دليل حجيتها فان البينة مثلا إذا قامت على طهارة شئ كانت هذه البينة بنفسها حاكية للواقع، جعلها الشارع حجة أم لا، ولكن الحكم الظاهري في المقام ليس هو ما يحكيه البينة (من الطهارة) بل الحكم الظاهري عبارة عن حكم الشارع بوجوب العمل على طبقها وترتيب اثار الوقع على مؤديها، وظاهر ما دل على هذا الحكم هو قناعة الشارع في امتثال امره الصلاتي مثلا باتيانها فيما قامت البينة على طهارته، ولازم ذلك سقوط الطهارة الواقعية من الشرطية في هذه الصورة. وكذلك إذا دل خبر زرارة مثلا على عدم وجوب السورة كان قول زرارة حاكيا للواقع جعله الشارع حجة أم لا، ولكن الحكم الظاهري ليس عبارة عن مقول زرارة بل هو عبارة عن مفاد أدلة حجية الخبر أعني حكم الشارع